خارطة الطريق الأمريكية لرفع العقوبات عن سوريا.. انقسام بين إدارة ترمب

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عقود جدلًا حادًا داخل إدارته، وسط مخاوف من الانهيار المحتمل للحكومة الانتقالية الجديدة التي تشكلت عقب الإطاحة بالنظام البائد في نهاية العام الماضي.

ووفقًا لتقرير صدر، اليوم الجمعة، عن وكالة “أسوشيتد برس الأمريكية“، فإن فريق السياسات والتخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية اقترح “خارطة طريق مكونة من ثلاثة مراحل” الأسبوع الماضي، تبدأ بإعفاءات قصيرة الأجل، يتبعها تخفيف إضافي ومن ثم رفع تام للعقوبات في مراحل متقدمة ومرتبطة بمدى التقدم وضمن شروط صارمة، مما أثار معارضة بعض المسؤولين الأمريكيين.

انقسام داخل إدارة ترمب

نقلت الوكالة عن ماكس بلوستاين، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، قوله إن “العقوبات المفروضة على سوريا عبارة عن شبكة معقدة من القوانين والإجراءات التنفيذية وقرارات مجلس الأمن، ويجب تفكيكها بعناية”، مضيفًا بأن الإدارة “تُحلل حاليًا الطريقة المثلى للقيام بذلك”، ومؤكدًا قرب صدور إعلان رسمي.

لكن داخل الإدارة الأمريكية، لا تزال الخلافات قائمة حول كيفية تنفيذ القرار وتوقيته، ففي حين يضغط بعض المسؤولين لرفع العقوبات فورًا دون شروط، يقترح آخرون اتباع نهج تدريجي، يمنح إعفاءات مؤقتة ثم يربط أي رفع دائم بشروط صارمة تشمل نزع السلاح، تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتفكيك الفصائل المسلحة.

 

ثلاثة مراحل رئيسية لرفع العقوبات

وفقًا لوثائق داخلية من وزارة الخارجية الأمريكية، جرى اقتراح خارطة طريق من ثلاث مراحل لرفع العقوبات، تبدأ بإعفاءات قصيرة الأجل، على أن يُربط التقدم بمطالب تنفذ خطوة تلو أخرى.

ويأتي مطلب “تفكيك الجماعات الفلسطينية” على رأس المطالب الخاصة بواشنطن للوصول للمرحلة الثانية من خارطة الطريق المقترحة لرفع العقوبات بشكل دائم، بحسب ما تنقله الوكالة الأمريكية، لكنّ مؤيدو قرار رفع العقوبات بشكل كامل داخل الإدارة الامريكية قالوا إن “هذا الشرط قد يكون مستحيلاً، نظراً لطبيعة تحديد الجماعات التي تنطبق عليها هذه الصفة، ومتى يمكن إعلان إبعادها”.

وتشمل الشروط الأخرى للانتقال إلى المرحلة الثانية تولي الحكومة الجديدة مسؤولية مراكز الاحتجاز التي تضم مقاتلي تنظيم داعش في شمال شرق سوريا، وتنفيذ اتفاق أُبرم مؤخرًا مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، الذي يتضمن دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري.

أما المرحلة الثالثة تتضمن الطلب الرسمي من سوريا الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وهي تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإثبات تدميرها جميع الأسلحة الكيميائية للحكومة السابقة.

نهج حذر وتحذيرات من الانهيار

في شهادته أمام الكونغرس، دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى تخفيف العقوبات بشكل سريع “وبنهج حذر” لتفادي انهيار الحكومة الانتقالية، لكنه أصر على أن يتم ذلك “تدريجيًا”. وقال: “إذا تواصلنا معهم، فقد ينجح الأمر، وقد لا ينجح. وإذا لم نتواصل معهم، فمن المؤكد أن الأمر لن ينجح”.

وأضاف بأن الحكومة الانتقالية السورية، التي لم يمضِ على تشكيلها سوى خمسة أشهر، قد تكون على بُعد أسابيع من “الانهيار وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد ملحمية”.

وأوضح روبيو والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أنهما يدعمان دعوة ترمب لتخفيف العقوبات فورًا، لكن الرفع الدائم للعقوبات يتطلب اتخاذ إجراءات من جانب الحكومة السورية لتلبية الشروط التي وضعها الرئيس.

وقال غراهام هذا الأسبوع: “لدينا فرصة سانحة هنا لتوفير بعض الإمكانيات لهذه الحكومة الجديدة، على أن تكون هذه الإمكانيات قائمة على الشروط. ولا أريد أن تمر هذه الفرصة”.

التعقيدات التشريعية والقانونية لرفع العقوبات

بينما يستطيع ترمب رفع بعض العقوبات بإجراء تنفيذي، يبقى رفع العقوبات التي أقرها الكونغرس، وعلى رأسها “قانون قيصر”، أكثر تعقيدًا. هذا القانون، الذي أُقر عام 2019، يفرض قيودًا صارمة على أنشطة إعادة الإعمار ويمنع التعاون مع النظام السوري السابق.

وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية في تصريح للأسوشيتد برس: “قرار ترمب يهدف إلى منع انهيار الدولة وإنهاء العنف، لكن هناك محاولات داخل الإدارة لتخفيف مضمونه”.

وتؤكد مصادر مطلعة للوكالة الأمريكية “أن إسرائيل تعارض تخفيف العقوبات، إذ لا تزال تشكك في نوايا الحكومة الجديدة رغم تصريحاتها بعدم الرغبة في صراع”.

وتحتاج سوريا إلى استثمارات بمليارات الدولارات لإعادة الإعمار، إذ يعيش نحو 90% من السكان في فقر، حيث يخشى المراقبون من أن يؤدي تأخير رفع العقوبات إلى إضعاف الحكومة الجديدة وخلق فراغ أمني قد تستغله “الجماعات المتطرفة مجددًا”، بحسب الوكالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist