باشرت وحدات من الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي، صباح اليوم الثلاثاء، دخولها إلى مدينة السويداء، في إطار عملية أمنية وعسكرية قالت عنها وزارة الدفاع السورية إنها تهدف إلى “بسط سلطة الدولة واستعادة الأمن وحماية المدنيين”، بعد أيام من التوتر والاشتباكات التي شهدتها المدينة وأسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين وعسكريين.
وقالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية، إن العملية تتم “بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية والفعاليات المحلية”، داعيةً السكان إلى الالتزام بحظر التجوال الذي فُرض اعتبارًا من الساعة الثامنة صباحًا “حرصًا على سلامة الأهالي”، في وقت أشارت فيه مصادر محلية إلى اشتباكات اندلعت على أطراف المدينة بين القوات الحكومية ومجموعات مسلحة رافضة لعودة مؤسسات الدولة.
تعليمات صارمة لحماية المدنيين
وأعلن وزير الدفاع السوري، اللواء مرهف أبو قصرة، وقفًا تامًا لإطلاق النار داخل مدينة السويداء، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء “بعد التوصل إلى تفاهمات مع وجهاء وأعيان المدينة، وبهدف وقف نزيف الدم وضمان الأمن المجتمعي”.
وأكد أبو قصرة أن “القوات الحكومية تلقت تعليمات صارمة بحماية المدنيين والممتلكات العامة والخاصة، ومنع أي تجاوز فردي، مع الاستمرار في ملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون”، موضحًا أن قوات الشرطة العسكرية ستنتشر في المدينة “لمراقبة الأداء العسكري وضبط أي مخالفات ميدانية”.
وأضاف الوزير بأن قوات الجيش “ستبدأ تسليم أحياء المدينة تباعًا لقوى الأمن الداخلي بعد الانتهاء من عمليات التمشيط”، لإعادة الاستقرار وفتح الطريق أمام عودة الأهالي إلى منازلهم، “وبناء بيئة آمنة للحوار والمصالحة”.
تباين في الموقف الديني للطائفة
رحبت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، في بيان لها، بانتشار القوات الحكومية في السويداء، معتبرة أنها خطوة “ضرورية لحقن الدماء وبسط الاستقرار”، لكن سرعان ما ظهرت مواقف مغايرة ومشددة اليوم عبر بيان جديد نشرته الرئاسة على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”.
وأدان الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة، ما وصفه بـ “القصف العشوائي على المدنيين” في السويداء، مؤكدًا أن المفاوضات مع الحكومة السورية “لم تُفض إلى أي نتائج إيجابية”، ومشيرًا إلى أن البيان الذي صدر مؤخرًا من دمشق تم “فرضه تحت ضغط خارجي من أجل وقف إراقة الدماء، رغم ما وصفه بـ”الإذلال”.
وقال الهجري إن هذا اليوم “هو يوم العز و يوم الكرامة، يوم نثبت فيه أننا أمة واحدة في وجه الظلم والإهانة”، مضيفًا أن ما يحدث اليوم في السويداء هو “اختبار حقيقي لوحدة السوريين”.
ودعا إلى التصدي لما وصفه بـ”الحملة البربرية” التي تتعرض لها المدينة، مشددًا على أن أبناء طائفة الموحدين، داخل سوريا وخارجها، مطالبون بالوقوف بحزم ضد هذه الهجمة.
هجمات أدت لدخول الجيش والأمن الداخلي
وتأتي هذه التطورات عقب اشتباكات مسلحة شهدتها مناطق عدة في محافظة السويداء، ما فجر مواجهات بين “مجموعات خارجة عن القانون”، قبل تدخل الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وأعلنت وزارة الدفاع أن وحدات الجيش تعرضت لهجمات مباشرة من “مجموعات مسلحة خارجة عن القانون”، أسفرت عن مقتل 18 جنديًا وإصابة آخرين، مؤكدة استمرار عملياتها في المدينة لضبط الأمن وملاحقة المتورطين.
وأفاد مراسل وكالة سوريا الجديدة، أن الطيران الإسرائيلي استهدف دبابة للجيش السوري على أطراف مدينة السويداء صباح اليوم، ما أدى لمقتل عنصر من الجيش وإصابة آخر.
وفي كلمة متلفزة مساء الاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع، العقيد حسن عبد الغني، إن “الفوضى والفراغ الإداري في السويداء خلال الأشهر الماضية ساهمت بتدهور الأوضاع”، مشددًا على التزام الوزارة بـ”إعادة الأمن بالتنسيق مع الوجهاء والسكان المحليين”.
دعوات إلى التهدئة والحوار
ورغم الانقسام في المواقف، دعت أطراف دينية وأهلية في السويداء إلى فتح قنوات حوار مباشرة بين الحكومة السورية وفعاليات المحافظة، والعمل على تفعيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع أبناء السويداء من أصحاب الكفاءات.
وأثنى قائد قوى الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، على “الموقف الوطني المسؤول” للرئاسة الروحية، داعيًا جميع المرجعيات الدينية والاجتماعية إلى توحيد الموقف الوطني ودعم جهود الدولة في إعادة الاستقرار.