في ظل التحديات الاقتصادية والإنسانية الهائلة التي تواجه سوريا ما بعد النظام البائد، دعت مجلة “Just Security” إلى اتخاذ خطوة شجاعة تهدف إلى تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات الحقوقية وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. واقترحت المجلة استخدام الأصول المجمدة للنظام البائد لتمويل هذه العمليات الحيوية.
وأوضحت المقالة، التي كتبها مارك جيه وود، أن نظام الأسد، الذي انهار في ديسمبر 2024، تسبب في معاناة ملايين السوريين خلال أكثر من عقد من الحرب، حيث قُدّر عدد النازحين بـ 6.2 مليون شخص بحسب الأمم المتحدة، معظمهم في دول الجوار، إلى جانب ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تسببت بمقتل 600 ألف شخص، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
وأشارت المقالة إلى أن نحو 400 ألف سوري عادوا إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، فيما يتمنى المزيد من اللاجئين السوريين العودة إلى بلادهم، حيث يرغب بعضهم في البحث عن ذويهم المفقودين ويرغب آخرون في رؤية ما تبقى من منازلهم وممتلكاتهم، ويأمل البعض الآخر في إعادة بناء بلدهم المدمر، مشيرةً إلى أن عملية العودة إلى سوريا مكلفة ومعقدة.
وتشير المقالة إلى أن دروس التاريخ تظهر أن تكلفة العودة غالبًا ما يتحملها من عانى، لا من تسبب في معاناته، ومع بدء سوريا مرحلة تعافي هشة، تبرز دروس البوسنة وليبيريا وموزمبيق للاستفادة منها، فبدون مساءلة قانونية ودعم دولي جريء – بما في ذلك استخدام الأصول السورية المجمدة – ستظل العودة المستدامة بعيدة المنال.
وتقدّر ثروة الأسد بحوالي 2 مليار دولار، وهو مبلغ يمكن أن يخفف العبء عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، التي تعاني من نقص مزمن في التمويل، وعن الخزينة السورية التي تواجه تحديات اقتصادية هائلة، حيث يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، وتُقدر مفوضية اللاجئين احتياجتها بـ 575 مليون دولار لمشاريعها في عام 2025 ومع توقع عودة 1.5 مليون سوري إلى ديارهم هذا العام.
ودعت المقالة إلى إنشاء لجنة تعويضات على غرار لجنة الأمم المتحدة للتعويضات (UNCC) التي أُسست عام 1991 لتعويض ضحايا غزو العراق للكويت، حيث وزّعت حوالي 52 مليار دولار من إيرادات النفط العراقي. كما أشارت إلى نماذج ناجحة مثل استعادة سويسرا لـ 700 مليون دولار من أموال الرئيس النيجيري السابق ساني أباتشا وإعادتها إلى نيجيريا.
وأكدت المقالة أن العقوبات الأمريكية على سوريا وحكومتها المؤقتة تعيق وصول المساعدات، مما يزيد من الحاجة إلى تحويل أصول الأسد المجمدة إلى برامج تعويض دولية تدعم عودة اللاجئين وإعادة بناء حياتهم. كما شددت على أهمية استثناءات إنسانية في العقوبات لتسهيل عمل الوكالات الإنسانية في سوريا.
وختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى التحديات التي تواجه الحكومة السورية الجديدة، فمن جهة عليها إدارة دولة منهارة، وفي الوقت ذاته مطالبة بإقناع المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بقدرتها على حكم جميع السوريين بشكل شرعي، وأضاف أنه بالوقت الذي تتبنى الحكومات سياسة الانتظار والترقب قبل رفع العقوبات بشكل كامل، فإن الواقع واضح: ينبغي تنظيم أصول الأسد المجمدة والخاضعة للعقوبات في برامج تعويض دولية لمساعدة العائلات السورية على تحمل تكاليف العودة وإعادة بناء حياتهم.