في ذكرى وفاته.. مصطفى طلاس مهندس التوريث و”اليد الباطشة” لنظام الأسد البائد

يصادف اليوم الجمعة 27 حزيران الذكرى الثامنة لوفاة مصطفى طلاس، الذي شغل منصب وزير الدفاع في نظام الأسد البائد لأكثر من ثلاثة عقود، ويعد طلاس أحد أكثر الشخصيات جدلًا في تاريخ سوريا الحديث، لم يكن مجرد وزير في حكومة، بل كان الصديق المقرب لحافظ الأسد، واعتبره البعض شخصية محورية لعبت أدوارًا حاسمة في تثبيت أركان حكم عائلة الأسد وضمان استمراريته عبر توريث السلطة.

النشأة والولاء المبكر

ولد مصطفى طلاس عام 1932 في بلدة الرستن بمحافظة حمص، انضم إلى حزب البعث في سن مبكرة عام 1947، والتحق بالكلية العسكرية عام 1952، حيث تخرج برتبة ملازم في سلاح المدرعات. خلال دراسته العسكرية، توطدت علاقته بحافظ الأسد، وهو ما رسم مسار مستقبله السياسي والعسكري.

كان طلاس شريكًا أساسيًا في الانقلابات التي شهدتها سوريا، حيث شارك في انقلاب 1966 الذي أطاح بالرئيس أمين الحافظ، ليُعين بعدها قائدًا للمنطقة الوسطى، لكن دوره الأبرز كان في ما يعرف باسم “الحركة التصحيحية” التي قادها حافظ الأسد عام 1970، حيث وقف طلاس إلى جانب صديقه ضد رفاقه البعثيين مثل صلاح جديد، ليكافئه الأسد بتعيينه رئيسًا للأركان ثم وزيرًا للدفاع عام 1972، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى عام 2004.

اليد الباطشة للنظام

خلال فترة توليه وزارة الدفاع، ارتبط اسم مصطفى طلاس بالعديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يعتبره الكثيرون متورطًا رئيسيًا في مجزرة حماة عام 1982، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين.

وتشير المعلومات إلى أنه كان القاضي في محاكم ميدانية عرفية أصدرت أحكامًا بالإعدام على العديد من أبناء المدينة تحت إشراف مباشر من حافظ الأسد.

كما يُذكر دوره الحاسم في حماية نظام حافظ الأسد أثناء فترة مرض الأخير عام 1984، حيث وقف في وجه رفعت الأسد، شقيق حافظ، الذي حاول استغلال مرض أخيه للسيطرة على السلطة.

مهندس التوريث

بعد وفاة حافظ الأسد عام 2000، لعب مصطفى طلاس الدور الأهم في عملية توريث السلطة إلى بشار الأسد. في مواجهة رفض بعض كبار الضباط العلويين لنقل السلطة إلى بشار، برز طلاس كداعم رئيسي له، حيث عمل على تعديل الدستور لتخفيض سن الترشح للرئاسة، ومنح بشار رتبة عسكرية تؤهله للمنصب، وأعطى أوامره للجيش بالاستعداد لقمع أي تحرك قد يعيق عملية التوريث. وبهذا، منح طلاس الغطاء المؤسسي والشرعية العسكرية اللازمة لوصول بشار الأسد إلى السلطة.

خطابات مثيرة للجدل وفساد

عُرف طلاس بخطاباته وتصريحاته المثيرة للجدل. من أشهرها هجومه اللاذع على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حيث استخدم ألفاظًا نابية وشبهه بـ”الراقصة التي كلما خلعت قطعة من ثيابها بان قبحها”.

إلى جانب دوره السياسي والعسكري، تشير تقارير إلى تورط طلاس في عمليات تهريب واسعة للآثار السورية، وقد دعا تقرير فرنسي إلى التحقيق في نقل مئات الصناديق التي تحتوي على آلاف القطع الأثرية المنهوبة إلى دبي عندما غادر سوريا.

مغادرة سوريا ومصير الأبناء

بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، غادر مصطفى طلاس سوريا ليستقر في باريس عام 2012، حيث تقيم إحدى بناته، وظل موقفه من الثورة غامضًا حتى وفاته عام 2017، لكن تكفينه بعلم النظام السوري أشار إلى استمرار ولائه.

لعب أبناؤه أدوارًا متباينة بعد الثورة. نجله الأكبر، رجل الأعمال فراس طلاس، أعلن دعمه للمعارضة وطالب برحيل بشار الأسد، أما شقيقه الأصغر، العميد مناف طلاس، الذي كان صديقًا مقربًا لبشار الأسد وقائدًا في الحرس الجمهوري، فقد انشق عن النظام في تموز 2012 في خطوة اعتبرت آنذاك ضربة قوية للنظام، وانتقل للعيش في فرنسا.

يبقى مصطفى طلاس شخصية تجسد عقودًا من القمع والفساد والولاء المطلق لعائلة الأسد، تاركًا وراءه إرثًا ثقيلًا من الجرائم والاتهامات التي ما تزال محط نقاش وجدل حتى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist