الدمار وندرة الخدمات الأساسية تؤخر انتعاش اللطامنة بريف حماة

محمد شيخ عثمان – حماة

تحولت اللطامنة بريف حماة الشمالي من بلدة تضج بالحياة والخصوبة إلى بلدة متعبة ومنهكة، وتعاني غياب الخدمات الأساسية، ومن تضرر مساحات واسعة من أراضيها الزراعية، فالبلدة الوادعة في سهول العاصي هدفاً لنيران النظام البائد، جواً وبراً وعلى مدى سنوات، ما تسبب بتهجير سكانها، ودمار عمرانها، وهي اليوم، وبعد سنوات من العذابات والنزوح تحاول تضميد جراحها، وطي صفحات الخراب والدمار وفتح صفحات الانتعاش والازدهار.

الدمار يعطل العودة

تكشف الأرقام عن واقعٍ مرير تعيشه البلدة، 900 عائلة فقط عادت من النازحين، بعضهم ضمن قوافل والآخر بشكل فردي، وفقاً لأبو صوان عضو اللجنة المجتمعية، الذي قال لموقع “سوريا الجديدة” أن “الكثير من العائلات تضطر للسكن في خيام بجوار بيوتها المدمرة، أو داخل أبنية متضررة جزئياً، في ظلِّ دمارٍ طال 90 بالمئة من المباني فيها، مما يضع الآملين بالعودة أمام خيارات صعبة، أهمها ضعف الإمكانات المادية التي لا تؤهل معظمهم لإعادة ترميم منازلهم”.

مرت سنوات قاسية على البلدة، التي شهدت سيطرة القوات النظام البائد عليها في فبراير/شباط 2020 بعد مواجهات عسكرية مع فصائل الجيش الحر آنذاك، استُخدمت خلالها أسلحة ثقيلة تسببت بأضرار جسيمة في البنية التحتية والسكان. ومع ذلك، لم تتجاوز نسبة العائدين إليها خلال السنوات الماضية 10 بالمئة، يقول أبو صوان ” الآن وعلى الرغم من تحرير البلدة إلا أن نسبة العائدين إليها ضئيلة جداً نتيجة هشاشة البنية التحتية فيها، حيث يُعد انعدام الخدمات الأساسية من أبرز التحديات التي تحول دون عودة الأهالي”.

 إعادة إعمار

وكشف أبو صوان أن الانتشار المتزايد لمراكز بيع مواد البناء في البلدة بعد التحرير، لا يشير بالضرورة إلى أن الإقبال جيد، والناس تشتري مواد البناء لتبني وترمم، الواقع يقول أن الاقبال على شراء هذه المواد شبه معدوم بسبب ارتفاع أسعارها بشكل يفوق قدرة الأهالي المادية، خاصة بعد سنوات النزوح الطويلة التي استنزفت مدخراتهم.

 يضيف أبو صوان “المواد متوفرة من بلوك وإسمنت وحديد، لكن غلاء الأسعار يحول دون شرائها، فالقادرون على إعادة البناء والترميم قلة قليلة، وينتظر معظم السكان دعم المنظمات لبدء إعادة الإعمار” أما فيما يخص الجهود المتعلقة بإعادة الإعمار، يقول أبو صوان أن ” المجلس المحلي يعمل بكل طاقته رغم شح الموارد، فالمجلس بحسب قوله لا يدخر جهداً في توفير الأساسيات، رغم محدودية الإمكانيات”.

ويعمل المجلس المحلي وبدعم من بعض المنظمات على حفر بئر ماء مزود بالطاقة الشمسية، وترميم المسجد الكبير في البلدة، بالإضافة إلى مشروع تقدمه منظمة نمساوية لإعادة تأسيس المركز الصحي بعد دمار المركز القديم الذي كان فيها على ايدي قوات النظام البائد.

وفيما يتعلق بملف الكهرباء، يؤكد أبو صوان أنهم قاموا بزرع أعمدة جديدة، لكن الشبكة ما زالت ناقصة التوصيلات والأسلاك، معرباً عن أمله في تنفيذ وعود مؤسسة كهرباء حماة بتحسين الوضع قريباً.

الأهالي بانتظار المساعدة

ليس هناك وعود رسمية بإعادة إعمار المدن والبلدات المدمرة، والدولة الجديدة ليست قادرة أصلاً تقديم وعود في هذا الخصوص في الوقت الحالي، حتى وإن بدأت مشاريع الاعمار فلن تكون سوى مشاريع خدمات عامة وبنى تحتية وعلى الأهالي أن يتحملوا تكاليف ترميم منازلهم، هذا ما تراه شريحة واسعة من أهالي البلدة، أما الآخرين وبالأخص الذين ما يزالون في مخيمات النزوح فلهم رأي آخر، الدولة ستبني وتعوض من تضرر، وإن طال الزمن، ونحن ها هنا منتظرون.

 تجلس أم خالد بين جدران بيتها الذي لم يتبق منه سوى “كم حيط واقف” بحسب تعبيرها، وبكلمات بسيطة تختزل مأساة المئات، تقول “غطينا الشبابيك بالنايلون حتى ما يدخل علينا البرد، والأولاد ينامون على الأرض، وإذا مطرت صارت الغرفة بركة ماء.

بينما أبو أحمد لم ينتظر الوعود، فقد بدأ بترميم غرفة من منزله من أجل السكن فيها مع أبناء الخمسة، قال “اشتريت مواد بناء بكل ما تبقى من مدخراتي، لكن الأسعار خيالية، توقفت عن البناء منذ شهرين بعد أن رممت غرفة واحدة فقط”، يضيف “الآن ننام في هذه الغرفة بلا باب ولا نوافذ، في ظلام دامس وسط انقطاع الكهرباء منذ العودة”.

أمينة (30 عاماً) تعيش مع أطفالها الثلاثة في نصف بيت لم يتبق منه سوى جدران متصدعة، تقول أمام أنقاض منزلها المدمر “كل يوم ننتظر أي مساعدة، حصة غذائية، بطانية، أي شيء. لكن لا أحد يأتي”. هذه الأرملة الشابة، التي أصبحت الخيمة والمأوى وكوب ماء نظيف أقصى أحلامها، تختزل مأساة مئات العائلات التي غلبها اليأس، تضيف بمرارة “لا نطلب رفاهية، فقط نريد العيش بكرامة، وأن ترأف الدولة بحالنا وحال آلاف الأسر السورية التي خسرت كل شيء، كل شيء حرفياً”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist