تواجه مدينة سلمية بريف حماة الشرقي، والواقعة ضمن المنطقة الفاصلة بين المناخ الجاف وشبه الجاف في ريف حماة الشرقي، أزمة مياه متفاقمة منذ سنوات، وسط اتهامات محلية بـ”الإهمال المزمن” ومطالبات بتدخل حكومي عاجل لوضع حد لمعاناة الأهالي، خاصة مع اقتراب فصل الصيف.
ووفق ما نقل مراسل وكالة سوريا الجديدة عن مصادر محلية، فإن المياه تصل إلى أحياء المدينة مرة واحدة فقط في الأسبوع، عبر الشبكة المتصلة بمحطات الضخ في منطقة الرستن، ما يدفع السكان للاعتماد على صهاريج تُعبأ من آبار خاصة، حيث يبلغ سعر تعبئة 5 براميل نحو 35 ألف ليرة سورية (نحو 3.5 دولار امريكي) لكن هذا الحل المؤقت لا يخلو من الإشكالات، في ظل الأعطال والانفجارات المتكررة في شبكة الأنابيب المهترئة، والتي تؤخر وصول المياه إلى المنازل بشكل منتظم.
وفي تصريح خاص لوكالة سوريا الجديدة، أفاد مدير وحدة المياه في سلمية، محمد صقر سائر وردة، بأن “واقع المياه في المدينة سيئ للغاية”، مشيرًا إلى أن “عدة حلول طُرحت في فترات سابقة، منها مشروع استجرار المياه من نهر الفرات إلى ريف سلمية، لكن النظام البائد لم يأخذها بعين الاعتبار”.
وأضاف بأن “معظم خطوط التمديد تجاوزت عمرها الفني أكثر من 20 عامًا، دون أن تخضع لأي عمليات صيانة جدية، ما يؤدي إلى تسربات دائمة وانفجارات في الشبكة”.
ويأتي ذلك في وقت أكدت فيه المؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة حماة أنها تعمل على إعادة تقييم خططها الاستثمارية في ظل التغيرات التي شهدتها المحافظة بعد تحريرها، بما يتماشى مع الأولويات والاحتياجات الحالية.
ووفق تقرير رسمي صدر عن المؤسسة في أوائل نيسان/أبريل الماضي، تم تنفيذ سلسلة من المشاريع لتوسيع خدمات المياه وضمان استمراريتها في مختلف المناطق، بالتعاون مع الجهات الأمنية والمجتمع المحلي، إلى جانب تفعيل الشراكات مع المنظمات المانحة ولجان العمل الشعبي.
وأشار التقرير إلى أن المؤسسة أعادت تأهيل العديد من المشاريع المتضررة، وسعت لتوسيع الاعتماد على الطاقة الشمسية، حيث يبلغ عدد المشاريع العاملة بالطاقة الشمسية حاليًا “50 مشروعًا”، فيما يجري تنفيذ 11 مشروعًا آخر، كما بلغ عدد المحطات العاملة على خطوط تغذية كهربائية معفاة من التقنين 71 محطة.
وأجرت المؤسسة أكثر من 277 عملية صيانة واستبدال للتجهيزات الميكانيكية والكهربائية، فيما تم تنفيذ أكثر من 1,017 عملية صيانة للشبكات الرئيسية والفرعية.
وفي سياق متصل، أصدرت المؤسسة في أواخر أيار/مايو الماضي تعميمًا دعت فيه إلى ترشيد استهلاك المياه، محذرة من تكرار التعديات على خطوط الجر الرئيسية المغذية للمحافظة، ولا سيما الخط القادم إلى مدينة سلمية.
وذكر التعميم أن “مجهولين” أقدموا مؤخرًا على تحويل المياه من خط المدينة (بقطر 500 مم) إلى مجرى نهر العاصي، قبل أن تتمكن كوادر المؤسسة، بالتعاون مع الجهات الأمنية، من إعادة الوضع إلى طبيعته خلال فترة وجيزة.
وقال المهندس عبد الستار العلي، المدير العام لمؤسسة مياه حماة، إن “أي استجرار غير مشروع أو تخريب في البنية التحتية للمياه سيواجه بإجراءات قانونية صارمة قد تصل إلى السجن”، مشددًا على أن “الحفاظ على المياه مسؤولية جماعية، وأي تفريط فيها يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي في المحافظة”.
وتُنتج محطات المياه في المحافظة ما معدله 361 ألف متر مكعب يوميًا، بكمية إجمالية بلغت 14.9 مليون متر مكعب، وفقًا لتقرير مؤسسة المياه.
وبينما تواصل مؤسسة مياه حماة جهودها لتأمين استمرارية الخدمة وتحسين البنية التحتية، تبقى معاناة سكان سلمية قائمة، وسط آمال معلقة على تنفيذ مشاريع مستدامة تنهي أزمة العطش المتجددة.