قال وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، إن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا يشكل “أولوية لدى الحكومة اللبنانية”، مشيرًا إلى أن هذه العملية معقّدة وتتطلب وقتًا وجهدًا تقنيًا مشتركًا من الجانبين.
وأوضح رجي، في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية” نشرت اليوم الثلاثاء، أن ترسيم الحدود “لا يمكن أن يتم دون لجنة تقنية سورية–لبنانية مشتركة”، مؤكدًا أن التعاون مع دمشق في هذا الملف يسير باتجاه إيجابي، خاصة بعد تسلم الطرفين وثائق وخرائط تاريخية من فرنسا في أيار/مايو الماضي.
وأشار إلى أن هذه الوثائق “سرّية وتعود لأكثر من 100 عام”، وتشمل تحديدات فرنسية للحدود بين البلدين وخرائط تعود لفترة الانتداب الفرنسي، موضحًا أن “الاطلاع عليها يتطلب خبرات تقنية متخصصة”، وقد تم تسليمها إلى وزارة الدفاع اللبنانية لمراجعتها.
وأضاف أن لتسليم فرنسا هذه الخرائط والوثائق أهميتين رئيسيتين، وهي “تقنية” من حيث المساعدة على تثبيت الحدود، و”سياسية” لأنها تعكس استعداد الإدارة السورية الحالية للتعاون الجدي مع لبنان لحل هذا الملف المزمن.
وأكد رجي أن الإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، أبلغت بيروت خلال اللقاءات الثنائية أنها تعترف بسيادة لبنان واستقلاله، وتؤكد التزامها بعدم التدخل في شؤونه الداخلية، لافتًا إلى أن هذه التصريحات تمثل “تحولًا نوعيًا” في الخطاب السياسي السوري مقارنة بالمراحل السابقة.
وأشار إلى أن العلاقة بين لبنان وسوريا لم تكن “صحية” منذ عقود، كما أن الأنظمة المتعاقبة في دمشق لم تعترف بلبنان كدولة مستقلة بشكل صريح، خصوصًا في عهد النظام السابق، الذي كان يعتبر لبنان “تابعًا له سياسيًا وجغرافيًا”.
رفع العقوبات عن سوريا سيحرك عجلة الاقتصاد اللبناني
قال وزير الخارجية اللبناني إن رفع العقوبات عن سوريا “سيساعد في تحريك عجلة اقتصادها وتسريع إعادة الإعمار، ما سينعكس بشكل إيجابي على لبنان”، موضحًا أن الاستقرار الاقتصادي في سوريا “سيخفف من معدلات التهريب عبر الحدود المشتركة”.
وأشار إلى أن الجيش اللبناني يبذل جهودًا جبارة لضبط الحدود، بدعم تقني من عدة دول، مؤكدًا أنه لا توجد دولة في العالم قادرة على ضبط حدودها بشكل كامل، “لكننا نعمل على تقليص الخروقات إلى الحد الأدنى”.
واختتم وزير الخارجية اللبناني حديثه بالتأكيد على أن “ضبط الحدود لا يقتصر على الترسيم فحسب”، بل يتطلب وجود دولتين قويتين تتعاونان لتحقيق استقرار دائم وشامل، وهو ما تعمل عليه الحكومة اللبنانية في الوقت الحالي، حسب قوله.
وتستعد الحكومة اللبنانية لاستقبال وفد سوري رسمي برئاسة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، لمناقشة عدد من الملفات الثنائية، أبرزها عودة اللاجئين السوريين، وملف المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سوريا، إلى جانب ترسيم الحدود، بحسب تصريحات نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، في تصريحات صحفية منتصف الشهر الماضي.