“أمومة لا تنكسر”.. نداء استغاثة عاجل عبر سوريا الجديدة

تعيش أم أيمن، المنحدرة من بلدة تل الدهب في ريف حمص الشمالي، في منزل متواضعٍ حالها كحال غالبية السوريين، بعد معاناتهم خلال العقد المنصرم، من رحلات نزوح قسري، إلى نجاةٍ من آلة القتل والتدمير التي انتهجها النظام البائد.

تقف أم أيمن شامخة كجبلٍ من الصبر، رغم كل ما تحمله من أعباء صحية وعائلية، حيث قضت 30 عامًا ترعى أبناءها الثلاثة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعتني بزوجها المريض بالقلب، دون أن تكلّ أو تملّ، رغم ضيق اليد وغياب أي دعم مادي أو طبي.

تبدأ قصة أم أيمن منذ ولادة طفلها الأول، حين بدأت تلاحظ علامات غير طبيعية على نموه، وتكررت مع الطفلين الآخرين، وقد تبين، بعد فحوصات دقيقة، أن أبناءها الثلاثة يعانون من ارتفاع في شحنات الدماغ، ما تسبب لهم بإعاقات عقلية وحركية دائمة، تتطلب علاجًا مستمرًا ورعاية خاصة.

جرائم النظام البائد تعمق جرح العائلة

ازدادت المأساة بعد مجزرة الحولة بريف حمص الشمالي عام 2012، التي ارتكبتها قوات النظام البائد وراح ضحيتها العديد من المدنيين، حيث اضطرت العائلة للنزوح حفاظًا على أرواح أبنائها، ولجأت إلى لبنان بحثًا عن الأمان وعن علاجٍ قد لا يُتاح داخل سوريا، لكن الرحلة كانت مكلفة ومرهقة، ولم تُثمر نتائج واضحة.

تقول أم أيمن لوكالة سوريا الجديدة: “منذ ثلاثين سنة وأنا أركض خلف علاج أولادي، وبعد ما طلعنا على لبنان، تبين أنهم مصابين بارتفاع شحنات كهربائية بالدماغ، ونحن كنا نعالجهن من التخلف العقلي والإعاقة الدماغية، كل واحد منهم عمره بين 27 و30 سنة، ولسا متل الأطفال، ما بيفارقوني لحظة”.

إلى جانب رعايتها لأبنائها، تعيش أم أيمن همًّا آخر لا يقل وطأة عن الآخر، زوجها المريض الذي أُجريت له عمليتا قلب، بلغت تكلفة آخرها حوالي 2000 دولار. ومنذ ذلك الحين، لم يعد قادرًا على العمل، بينما تزداد حاجته للأدوية والمتابعة الطبية، بالإضافة لعلاج أولاده الثلاثة.

مورد مالي قليل وأعباء حياتية ثقيلة

تحكي أم أيمن معانتها اليومية في تأمين احتياج العائلة، خصوصًا من مادة الخبز، التي أصبح الحصول عليها صعبًا بالنسبة لها، إلى جانب الدواء اللازم لأولادها وزوجها. تقول: “ما عنا مورد مالي ثابت، الخبز والدواء والعيشة صارت فوق طاقتي، و ما عاد فيني أشتري حتى الأساسيات”.

وفي الوقت الذي يتطلب فيه وضع أبنائها رعاية يومية دقيقة، تُعاني هي أيضًا من تسارع في القلب وآلام مزمنة في الركبة، لكنها تفضل الصمت والتحمّل، فهم “أولى مني أنا بتحمل” حسبما تقول.

ورغم كل هذه التحديات، لم تفقد أم أيمن إحساسها العميق بالأمومة، فكل يوم تمضيه إلى جانب أولادها، ترعاهم وتطعمهم وتغسلهم وتواسيهم، وكأنها لا تشكو شيئًا، وتعبر عن ذلك، بنبرة ممتزجة بالحزن والحنان: “ما بقدر أزيح عيوني عنهم، هني بحاجتي بكل لحظة، بس كمان أنا تعبت”.

أم أيمن اليوم تطلق نداء استغاثة لكل من يستطيع المساعدة عبر وكالة سوريا الجديدة، فالعائلة بأمس الحاجة لتأمين الأدوية والعلاج للأبناء، والرعاية الصحية للزوج، ودعم يخفف عن الأم عبء الحياة اليومي، استغاثة لتقديم ما يمكن أن يُبقي هذه الأسرة “حيةً” رغم كل ما مرت به.

مقالات ذات صلة

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist