يواجه النازحون في مخيم الكوسا في ريف جرابلس شمال شرق حلب ظروفًا معيشية صعبة نتيجة تراجع الخدمات الأساسية، وتوقف المساعدات الإنسانية منذ أشهر، ما أثر بشكل مباشر على أكثر من 500 عائلة تقيم في المخيم.
مراسل وكالة سوريا الجديدة التقى بعدد من نازحي المخيم، ونقل على لسانهم رسالة استغاثة عاجلة لإعادة النظر في تفعيل خدمات المخيم، نظرًا للأوضاع الصعبة التي يعاني منها السكان، خصوصًا بعد توقف الخدمات الإنسانية فيه.
يقول شواخ خليل عليوي إنه “نزح من بلدة الشيوخ التحتاني في ريف حلب الشرقي منذ أكثر من 11 عامًا، ويقيم في المخيم منذ حوالي 4 سنوات، وقد تنقل خلال سنوات النزوح بين عدة مناطق، إلى أن استقر في مخيم الكوسا.
ويضيف إلى أنه فرح، كغيره من السوريين بسقوط النظام البائد، حيث لاحظ “تحسنًا نسبيًا في الوضع الأمني بعد التغيرات الأخيرة، وأصبحت الحركة بين المناطق “أكثر حرية”. ويشير أبو خليل أنه يستطيع الذهاب إلى أي مكان يريده “باستثناء المناطق التي ما تزال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية”، لكنه سمع حديثًا عن انفراجات في ذلك الملف المعقد، وقد تبدأ بعض العائلات بالعودة “مطلع الشهر القادم”.
خدمات متوقفة وتهديد بقطع المياه
يؤكد عليوي أن المساعدات الغذائية توقفت عن المخيم منذ “أكثر من عامين”، إضافةً إلى أن إدارة المخيم أبلغت السكان بإمكانية قطع المياه في منتصف الشهر الحالي، حيث يضيف بأنهم “يشترون مياه الشرب بشكل دائم”، وإذا تم قطع المياه “سنضطر للمغادرة لأننا لا نحصل على أي خدمة أخرى من المخيم، خاصة أن المنطقة نائية ولا تتوفر فيها فرص عمل”.
كما يعاني عليوي من أمراض مزمنة، منها ارتفاع ضغط الدم، وعلى الرغم من وجود مركز صحي في المخيم، إلا أنه لا يوفر الأدوية اللازمة، ويقتصر على الحبوب المسكنة والمضادات الحيوية، ما يضطره إلى شراء أدويته من خارج المخيم.
التقى مراسلنا بلؤي سليمان أيوب، مندوب عن مخيم “البنيان” في منطقة الكوسا في إدارة المخيم، حيث أوضح أن معظم المساعدات توقفت منذ ثلاثة أشهر، باستثناء نقطة طبية محدودة الخدمات.
ويقول إن “الوضع الإنساني صعب، والعائلات الموجودة في المخيم لا تملك أي مصدر دخل”، كما أن هناك أكثر من 500 عائلة ما تزال مقيمة، معظمها من “المهجرين قسرًا من الرقة وريف حلب الشرقي”. ويؤكد ما جاء على لسان شواخ، أحد قاطني المخيم، بأن المياه مهددة بالتوقف خلال أيام، ويضيف بأنه لا توجد أي خدمات حالياً مثل “ترحيل القمامة أو دعم غذائي”.
وأشار إلى أن النساء الحوامل يضطررن لقطع مسافات طويلة تصل إلى 15 كم للوصول إلى أقرب مركز توليد، لعدم توفر الخدمات الطبية المناسبة في المخيم.
سياق أوسع لأزمة النازحين
أشار تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في آذار/مارس 2025 إلى أن 16.5 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وسط تزايد في الاحتياجات المتعلقة بالغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية، والتعليم.
كما ذكر تقرير لصندوق النقد الدولي، الذي نُشر في حزيران/يونيو 2025، أن سوريا تواجه تحديات اقتصادية حادة، من بينها انخفاض الناتج المحلي، وارتفاع مستويات الفقر، وتراجع الخدمات العامة، وضعف البنية التحتية، وهو ما يزيد من صعوبة الأوضاع في مناطق النزوح.
رغم عودة عدد من العائلات إلى مناطقها الأصلية، لا تزال مئات العائلات في مخيم الكوسا بانتظار حلول بديلة، كما يطالب القائمون على المخيم والنازحون بضرورة إعادة تقييم الوضع الإنساني، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، خاصة المياه، والصحة، والدعم الغذائي.