اعترفت الباحثتان في معهد دراسات الأمن الإسرائيلي في جامعة تل أبيب، الدكتورة كارميت فالينسي وأمال حايك أن ميليشيات شيخ العقل حكمت الهجري، هي من بدأت بالاعتداء على قوات الأمن السورية، لتتصاعد بعد ذلك الأحداث وتتحول إلى صراع واسع النطاق.
وجاء ذلك، في مقال تحليلي لهما نشره معهد دراسات الأمن الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بعنوان (السويداء تحترق – اشتباكات عنيفة في سوريا وسط محادثات مع إسرائيل).
وقالت الباحثتان إن هذه الجولة من المواجهات تعود إلى حادثة محلية بين الدروز والبدو على أطراف محافظة السويداء، حيث اختطفت عصابة بدوية أحد السكان الدروز، وردًا على ذلك، اختطفت ميليشيات درزية، بقيادة “مجلس السويداء العسكري”، عددًا من السكان البدو.
وأضافتا أنه رغم محاولات التهدئة التي بذلها رجال الدين في المنطقة، سرعان ما اندلعت أعمال العنف. ووقعت قوات الأمن السورية، التي أُرسلت إلى المنطقة لتهدئة الوضع، في كمين مُدبّر من قِبل “المجلس العسكري”، قُتل فيه ما لا يقل عن 12 عنصرًا أمنيًا.
وبعد ذلك تصاعدت الأحداث بسرعة وتحولت إلى صراع واسع النطاق، أودى بحياة نحو 200 شخص، معظمهم من مقاتلي الدروز والبدو وقوات النظام، بحسب تعبير الباحثتين.
و”المجلس العسكري” تشكل من اتحاد مجموعات مسلّحة من السويداء بقيادة طارق الشوفي، في 24 شباط 2025، باستثناء “لواء الجبل”، و”مضافة الكرامة”، و”أحرار الجبل” بقيادة سلمان عبد الباقي، وليث البلعوس، ويحيى الحجار، ويُعدّ الشيخ حكمت الهجري القائد الروحي والديني والسياسي للمجلس، ما يمنحه دعما معنويًا في السويداء أمام الفصائل الرافضة لوجوده.
دروز إسرائيل
وتؤكد الباحثتان أن هذه الأحداث تنذر بانهيار التفاهمات التي تم التوصل إليها بين حكومة الشرع والدروز في مايو/أيار، وتُعيد إلى الأذهان جولات العنف السابقة، في إشارة إلى تلك المواجهات التي جرت بين قوات الأمن السورية والدروز أواخر أبريل/نيسان في جرمانا وصحنايا بريف دمشق.
وترجع الباحثتان التدخل الإسرائيلي إلى جانب الهجري وميليشياته في المجلس العسكري إلى الضغط الداخلي من داخل الطائفة الدرزية في إسرائيل.
وشنّت إسرائيل هجمات مباشرة على قوات الجيش والأمن السورية في منطقة السويداء، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وتدمير دبابات للجيش السوري ،كما شنّت إسرائيل لاحقًا هجومًا قرب مدخل وزارة الدفاع السورية في دمشق، ترى فيه الباحثتان إشارة قوية تهدف إلى توضيح مطالبها بإنهاء القتال في الجنوب.
انقسام درزي
وخلصت الباحثتان إلى أن الأحداث تكشف عن انقسام داخل الدروز إلى خط متشدد يقوده الشيخ حكمت الهجري ومقاتلوه داخل “المجلس العسكري”، الذين يؤيدون التدخل الإسرائيلي، بل وحتى المواجهة المباشرة مع الرئيس الشرع وقواته، في مقابل أصوات أكثر اعتدالًا تدعو إلى ضبط النفس، والحوار مع دمشق، ووقف التدخل الإسرائيلي – ومنهم الشيخان يوسف جربوع، وحمود الحناوي، وزعيم حركة “رجال الكرامة”، ليث بلعوس.
وتعتبر الباحثتان أن التدخل الإسرائيلي إلى جانب الهجري ضد الرئيس الشرع في هذه المواجهات يجعل من فرصة التوصل إلى اتفاق – حتى لو كان ترتيبًا أمنيًا محدودًا على الحدود بين سوريا وإسرائيل موضع شك.
وكانت قوات الأمن والجيش السوري انسحبت، من السويداء، عقب خطاب ألقاه فجر اليوم الخميس الرئيس أحمد الشرع.
وقال الشرع إنه تم تكليف بعض الفصائل المحلية في السويداء ومشايخ العقل بحفظ الأمن في المحافظة لتجنيب سوريا حربا جديدة.
סווידא בוערת – עימותים אלימים בסוריה בעיצומם של מגעים עם ישראל
ד״ר כרמית ולנסי ואמל חאיכ, חוקרי המכון, כותבים:
לראשונה מאז העימותים האלימים בין הדרוזים לכוחות הביטחון הסוריים בסוף אפריל, חודשה הלחימה בעצימות גבוהה בין הצדדים. מקור הסבב הנוכחי נעוץ בתקרית מקומית בין דרוזים… pic.twitter.com/7LPq0akLLq
— INSS (@INSS_Hebrew) July 16, 2025
مجازر بعد الانسحاب
وقبل الانسحاب، أعلنت وزارة الداخلية عن تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل (الدروز)، بمسؤولية حفظ الأمن في المحافظة، غير أن ميليشات الهجري قامت عقب الانسحاب بالاعتداء على حي المقوس شرقي المدينة، وارتكبت مجازر وانتهاكات بحق المدنيين، وفق الوكالة الرسمية سانا.
وأكدت الوكالة أن منازل وأحياء في المدينة وقرى ريف السويداء الغربي، تعود لعشائر البدو، تعرضت للحرق من قبل تلك الفصائل المحلية.
وأضافت أنه تم تسجيل حركة نزوح وتهجير قسري لعشائر البدو في ريف السويداء، وسط تهديدات من قبل ما أسمتها الوكالة مجموعات خارجة عن القانون (ميليشيا الهجري) باستهدافهم.
وقالت مصادر محلية لوكالة سوريا الجديدة إن مسلحين يحتجزون أكثر من ألف مدني من البدو في بلدة شهبا بالسويداء بعد انسحاب قوات الحكومة.
ورصدت الوكالة استنفار لعشائر سورية من مناطق مختلفة لنجدة ونصرة عشائر البدو في السويداء الذين يتم قتلهم وتشريدهم قسريًا من منازلهم.
بدوره قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني الشقفة، إن مجموعات مسلحة تابعة للهجري قتلت عشرات المدنيين من عشائر البدو بينهم نساء وأطفال ليلة أمس.
وأصدرت الشبكة، اليوم الخميس، تقريرها عن خسائر اشتباكات السويداء التي بدأت 13 تموز الجاري، حيث أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 169 سوريًا، بينهم 5 أطفال و6 سيدات، وإصابة ما لا يقل عن 200 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.