أصدر شيخ العقل حمود الحناوي بيانًا مصورًا هاجم فيه حكومة دمشق في انقلاب مفاجئ على موقفه السابق الذي كان يدعو فيه إلى الوحدة الوطنية ورفض أي تدخلات خارجية في الشأن السوري.
وقال الحناوي، اليوم السبت:”لقد ابتُلينا بسلطة ومن معها لا عهد لهم ولا ذمة، سلطة باعت الوطن في سوق المساومات، فطعنت أهله قبل أن تطعن حدوده، حتى غدت في وجداننا حكومة الغدر، التي نقضت المواثيق، وانقلبت على القيم، وارتضت أن تكون سيفًا مسلولًا على رقاب الأبرياء، بفتاوى فكرها الظلامي الجهادي المتطرف، المستبيح للدماء والأعراض والمقدسات والحقوق”.
وطالب الحناوي الدول والمنظمات الدولية بتحمل مسؤلياتها والضغط الفوري لرفع ما وصفه بالحصار عن السويداء وفتح الممرات الإنسانية دون شرط أو قيد، كما طالب المجتمع الدولي بالتحقيق ومحاسبة جميع المتورطين بالجرائم التي تم ارتكابها في السويداء.
ووصف الحناوي، ما حدث في السويداء بـ “قضية الوجود والمصير لكل أبناء السويداء”، وقال: “المعركة اليوم لم تعد بند في جدول السياسة ولا ورقة في صفحات المساومة بل أصبحت قضية وجود ومصير لكل أبناء جبل العرب”.
وحذر من “الفتنة والحرب الإعلامية” حسب تعبيره، وخطورة الشائعات، مشيرًا إلى أنه لم يحصل أي تفاوض أو اتفاق في الوقت الحالي مع الحكومة السورية.
ورفض الحناوي ما وصفه بـ “التطاول على رموز الطائفة الدرزية الدينية ومقدساتها”، معبرًا عن استغرابه من “الصمت العربي والتعتيم الإعلامي وطمس الحقائق”، حسب تعبيره.
الحناوي يرضخ لمطالب الهجري
وجاء بيان الحناوي بعد أقل من 24 ساعة، من رسالة وجهها له ماهر شرف الدين، اليد اليمنى للشيخ حكمت الهجري وميليشياته يطالب بها الشيخ الحناوي، بشكل واضح بتغيير موقفه، بلهجة لا تخلو من استفزاز.
ومما ورد في الرسالة: “أهل السويداء ينتظرون منك الخروج بالصوت والصورة لكي تشرح للعالم ما الذي فعله دواعش الجيش و”الأمن العام” بقريتك وأقاربك وجيرانِك (…) شهادتك يا سماحة الشيخ ضرورية جدا لتدمير أكذوبتهم عن “عصابة الهجري”، التي اتخذوها حجّةً وقحةً لاستباحة قرانا ومناطقنا وقتل أهلنا وخطفهم، الجبل يناديك يا سماحة الشيخ، يا حفيد البطل أبي علي الحناوي، وليس مثلك من يخذل نداءَه”.
وكان الشيخ الحناوي قال في وقت سابق خلال لقاء تلفزيوني مع قناة الإخبارية السورية الرسمية، إن “الانتماء للوطن شرف وكرامة لا يمكن المساومة عليه”.
ودعا إلى تعزيز الوحدة بين جميع أبناء سوريا، بغض النظر عن الانتماءات الطائفية أو العرقية، مشيرا إلى دعمه لأي اتفاق يسهم في توحيد الصف السوري.
بيان متزامن للهجري
وبعد نحو ساعتين، فقط من بيان الحناوي خرج الهجري بدوره في بيان مصور، مرددا الاتهامات نفسها ضد الحكومة السورية من قتلها للأبرياء وحصارها للمدنيين، شاكرا في الوقت نفسه، دولة الاحتلال الإسرائيلي على الوقوف جانبهم ضد الحكومة السورية.
وطالب الهجري في بيانه المصور، فتح تحقيق دولي مستقل حول الجرائم المرتكبة في السويداء، وإحالة المتورطين بهذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإرسال بعثات مراقبة دولية لحماية المدنيين، ووقف كل أشكال الدعم السياسي والعسكري لما أسماها “الفصائل الإرهابية” المحيطة بالسويداء.
كما طالب من الدول الضامنة بالضغط على ما أسماها بـ”حكومة الأمر الواقع” للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، متهما إياها بتكرار الخروقات والاعتداءات التي تمت خلال سريان الاتفاق وأنه وميليشياته من التزموا به.
وأكد الهجري على ضرورة انسحاب ما أسماها “كافة الميليشيات والمجموعات المسلحة” إلى خارج الحدود الإدارية للسويداء لتأمين عودة أبنائنا إلى قراهم و منازلهم، على حد زعمه.
بعد يوم من مؤتمر “اللامركزية”
وأمس شارك الهجري عبر تقنية الفيديو، في مؤتمر عقدته قسد في مدينة الحسكة، تحت عنوان “كونفرانس وحدة موقف مكونات شمال شرقي سوريا”، طالب فيه المجتمعون بلا مركزية سوريا.
وفي كلمته قال الهجري المدعوم من إسرائيل إن “وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا ليست مجرد اجتماع سياسي، بل هي نداء للضمير الوطني واستجابة لصرخة شعب أنهكته الحروب والتهميش”. على حد تعبيره.
وشهدت السويداء في الفترة الأخيرة اشتباكات عنيفة بين ميليشيات الهجري وقبائل بدوية، على خلفية عمليات خطف متبادلة، تدخلت على إثرها الحكومة السورية لنشر قواتها، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل شيخ العقل حكمت الهجري ومجموعته، ورافق ذلك قصف إسرائيلي استهدف مواقع حكومية في دمشق بحجة “حماية الدروز”.
وكان الحناوي قبل بيان اليوم، يقف إلى جانب كل من شيخ العقل يوسف جربوع، وقائد مضافات الكرامة ليث البلعوس، في الدعوة إلى التهدئة والتوصل إلى اتفاق طرحته الحكومة السورية، لإعادة الحياة الطبيعية إلى السويداء، غير أن الهجري وميليشياته رفضوا ذلك، وما يزالون.