هل تنعش قوافل العائدين كفر زيتا بريف حماة؟

خاص حماة- محمد شيخ عثمان - رامي محمد

تحمل “أم أحمد” أطفالها وتصعد إلى السيارة بعدما نقلت آخر أثاثٍ منزلي من خيمتها في مخيمات الشمال السوري باتجاه مسقط رأسها مدينة كفر زيتا بريف حماة الشمالي، بعد ان قضت عائلتها عدة سنوات في مخيمات النزوح القسري، وهي تحلم بهذا اليوم العظيم، يوم العودة الميمونة، اليوم الذي ظنت أنه لن يأتي ولن يتحقق مطلقاً.

بدأ نازحو مدينة كفرزيتا في مخيمات الشمال السوري بالعودة التدريجية إلى مدينتهم، الواقعة في شمال غرب مدينة حماة، وذلك ضمن “قافلة العودة” التي أعلن عنها فريق “نبض كفرزيتا المحلي” بالتعاون مع مجلس المدينة والمحافظة، وفعاليات محلية وأهلية. وبحسب القائمين على الحملة، فإن الهدف منها تأمين مستلزمات ووسائل النقل للأسر الراغبة بالعودة إلى مدينتها.

يقول المدير التنفيذي لفريق “نبض كفر زيتا” أحمد درويش لموقع “سوريا الجديدة” إن “قوافل العودة تم تسييرها بدعم من تبرعات مقدمة من منظمة سوريون مسيحيون في أميركا”، مشيراً إلى ان هذه المبادة أسهمت في نقل العديد من العوائل إلى مدنهم الأصلية، وبينها مدينة كفر زيتا. وأوضح أن “هذه الخطوة تعكس روح التضامن بين السوريين في الداخل والشتات، وتسهم في تعزيز جهود الاستقرار وإعادة الأمل للعائلات العائدة بعد سنوات من النزوح”.

تحكي “أم أحمد” بلهجتها المحلية، وهي إحدى العائدات حديثاً إلى المدينة التي طالها الدمار بشكل واسع بسبب قصف قوات النظام البائد، براً وجواً طيلة سنوات الثورة، تقول “لقد عدنا والدمع في عيوننا، ليس خوفاً من شيء لكنه الحنين لبلدنا، بالرغم من عودتنا إلى الركام، إلا أننا مصحوبون بالأمل بأننا سنعيد بناءها من جديد، لحظة العودة تحمل معها مشاعر مختلطة، بين الفرح والحزن، مدينتنا منكوبة بالفعل”.

تضيف لموقع “سوريا الجديدة” أنهم لم يكونوا يحلمون بقدوم هذا اليوم مطلقاً “ظننا أن أحفادنا سيعيشون هنا في هذه المخيمات، عندما علمنا عن امر القافلة لم نتردد للحظة، قررنا العودة على الفور بالرغم من الدمار الهائل في المدينة”.

وتتابع “لقد صبرنا أعواماً على برد الشتاء وحر الصيف، أطفالنا كبروا وهم لا يعرفون منزلهم، وقد حان وقعت العودة، لم أجلب سوى بضع بطانيات وأواني منزلية، وقد قررنا بناء خيمتنا فوق أنقاض المنزل ومن ثم بدأنا بترميم غرفتين لنا حتى نسكن بها دون أن يساعدنا بذلك أحد”.

عودة متعثرة

رغم سقوط النظام البائد، وزوال العامل المسبب لجميع المهجرين من منازلهم، لم يستطع غالبية السكان من العودة إلى منازلهم بسبب الأحوال الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد، حيث آثر العديد من السوريين، وأهالي كفر زيتا خصوصاً، العودة إلى منازلهم والسكن فوق أنقاضها، كحال أم أحمد وغيرها ممن فضل نصب الخيام في منطقتهم او الترميم الجزئي للمنازل بحسب الحالة المادية.

يقول أبو محمد، وهو عامل بناء من كفر زيتا، إن الطلب على الترميم أصبح كبيراً، لكن ارتفاع أسعار مواد البناء حال دون تمكن العديد من الأهالي للقيام بذلك، ويضيف خلال حديثه لموقع “سوريا الجديدة” أن ” سعر الاسمنت للكيس الواحد ارتفع من 4 $ إلى 8$، والحديد من 600 $ إلى 800$، مما دفع العديد من السكان إلى ترميم أو بناء غرفة أو غرفتين لتأمين مسكنهم ريثما يتحسن حالهم”.

وقال رئيس المجلس المحلي في مدينة كفر زيتا، عبد الناصر حوشان لموقع “سوريا الجديدة” إن “عدد العوائل التي عادت إلى المدينة وصل إلى 1230 عائلة، والعديد منهم بلا مأوى مجهز”. وأضاف حوشان ان هناك العديد من العوائل تنتظر انتهاء العام الدراسي حتى يعودوا إلى المدينة، والبعض الآخر لا يملك القدرة المالية على دفع تكاليف النقل، بالإضافة لآخرون لا يملكون منازل بعد هدمها بالكامل.

ويوضح رئيس المجلس أن نسبة الدمار في مدينة كفر زيتا وصل إلى 90% من المباني، وهناك العديد منها غير صالحة للترميم وصلت نسبتها إلى 20%. أما عن الخدمات الموجودة في المدينة بالوقت الحالي، أشار المسؤول المحلي أن بعض المؤسسات الحكومية عادت إلى العمل، مثل المجلس المحلي بطبيعة الحال، ومديرية الناحية، وفرق الطوارئ الخاصة بالكهرباء.

وتواجه العديد من الخدمات الأساسية عوائق جمة تمنعها من العمل، مثل نقص الإمداد بالمياه بسبب تعطل الآبار وسرقت المعدات الخاصة بها من قبل قوات النظام البائد التي كانت متواجدة في البلدة، إضافة إلى مشاكل الصرف الصحي والكهرباء. ويأمل السكان بتحسن الواقع الاقتصادي وزيادة فرص العمل حتى يتمكنوا من إعادة إعمار منازلهم، أو يكون هناك دعم حكومي او عبر المنظمات الدولية للمساهمة في ذلك، كما يقول أبو كرم أحد العائدين حديثاً إلى المدينة.

وفي الخامس من شهر نيسان/أبريل الحالي أعلن وزير الاقتصاد السوري نضال الشعار عزم الحكومة السورية إعداد خطة متكاملة تشمل جميع القطاعات، بهدف إطلاق عملية إعادة إعمار سوريا، بالشراكة مع الشعب والدول الصديقة، حسب تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist