بعد فقدانها لولدها وتكفلها بأيتامه.. مناشدة إنسانية للسيدة أم سالم عبر “سوريا الجديدة”

صحيحٌ أن الحرب قد وضعت أوزارها في سوريا، بعد أكثر من عقد على اندلاعها، إثر إعلان النظام البائد رفضه لثورة الشعب السوري، لكنها عمقت جراحًا لن تندمل بسهولة.
تشيح أم سالم بنظرها بعيدًا وهي تتأمل ما آلت إليه الأمور مؤخرًا، منتظرةً فرجًا عاجلًا يزيح الهم عن كاهلها، ويعيد أمل العودة المنتظر منذ زمن.

أم سالم تنحدر من بلدة منغ في ريف حلب الشمالي، إحدى البلدات التي دُمّرت بشكل شبه كامل، وكانت شاهدة على وحشية النظام البائد في قمعه للمناطق الخارجة عن سيطرته. تعيش أم سالم في مخيم السلامة للنازحين السوريين على الحدود السورية -التركية منذ أكثر من 10 أعوام.

التقى مراسل وكالة سوريا الجديدة بأم سالم، التي فقدت ولدها خلال سنوات الصراع الدموي، وأصبحت مجبرة على تربية أولاده والاعتناء بزوجته، في ظروف إنسانية صعبة، خاصةً بعد انقطاع الخدمات عن المخيمات وإيقاف المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات.

تقول السيدة: “أعتني بـ 5 أطفال ووالدتهم، على الرغم من كبر سني، قاعدة معن بالمخيم والوضع كتير سيء”. كما يعاني الأطفال من أمراض في الغدد، وهم بحاجة إلى متابعة طبية، وهو ما يعتبر صعبًا في الوقت الحالي، نظرًا لافتقار المخيم للمركز الصحي، ولصعوبة تأمين ثمن العلاج لهم. وتتراوح تكلفة العلاج، بحسب أم سالم، بين 50 دولار أمريكي للمعاينة فقط، و25 إلى 30 دولار أمريكي ثمنًا للحقن والدواء، وهو ما لا تستطيع السيدة تأمينه في وضعها الحالي.

ويضاف إلى ذلك، تكلفة دراسة الأطفال، من قرطاسية وحوائج مدرسية، لكنها تتدبر الوضع عن طريق “التبرعات” التي تصل لأطفال المدارس وتؤمن بعض الحاجيات لهم، بحسب قولها.

خبز وزعتر.. غداء العائلة اليومي

تتجمع العائلة في منتصف الغرفة مسبقة الصنع، وتفترش الأرض للاستعداد لوجبة الغداء – شبه اليومية – والتي تتكون من خبز وزيت وزعتر، إضافةً لقصعة على أطرافها بعضٌ من بقايا “لبنة يدوية الصنع”، فقد توقفت مؤخرًا إدارة المخيم عن توزيع الخبز والماء والإغاثة، في خطوة لتخفيف أعداد النازحين من المخيمات تمهيدًا “لتجفيفها”، دون النظر في احتياجات السكان وأحوالهم، على الرغم من عدم إمكانيتهم العودة بالوقت الحالي إلى مدنهم الأصلية بسبب الدمار الذي لحق ببيوتهم.

تقول السيدة: “أهل الخير كتير.. بجيبولنا خبز ببعض الأحيان، وكم ليرة حتى نشتري قوت يومنا، الحمدلله، الله ساترنا، بدن يانا نطلع نرجع لبيتنا بس وين نروح؟ بيوتنا عالأرض”.
وتضيف: “كان زوجي يعيننا كثيرًا قبل وفاته، لكنني لوحدي الآن، و الأطفال يشتهون في كثير من الأحيان بعض الأكلات عندما يرونها في أقرانهم، لكن قلبي يعتصر ألمًا عليهم لأننا لانستطيع تأمين ما يشتهون”.

وتوجه السيدة نداءً إنسانيًا عاجلًا عبر وكالة “سوريا الجديدة”، لتقديم المساعدة في علاج الأطفال، والتكفل بدواءهم ومعيشتهم، بعد تقطعت بها السبل دون ورود أي مساعدة حكومية أو خاصة.

عقبات العودة الطوعية.. فجوة تمويلية حادة

تشير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) إلى أن نحو مليون نازح داخلي في شمال غرب سوريا ينوون العودة إلى مناطقهم الأصلية خلال عام 2025، منهم 600 ألف في الأشهر الستة الأولى من السنة، بحسب مسح أُجري على آلاف الأسر النازحة عرض ضمن تقرير المفوضية الذي تم نشره في 7 آذار/مارس 2025. ورغم هذه الرغبة، ما تزال ظروف العودة الآمنة والكريمة غير متوفرة، في ظل دمار واسع للبنى التحتية، وانعدام الخدمات الأساسية، وغياب مقومات العيش الكريم.

كما حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) من أن “التمويل المتوفر لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية لملايين السوريين في شمال غربي البلاد”، فقد أُغلق أكثر من 100 مركز صحي ومرفق إنساني منذ بداية عام 2025 بسبب تراجع التمويل، ما فاقم من معاناة النازحين في المخيمات.

ووفقًا لتقرير صادر في آذار/مارس 2025، فإن خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لهذا العام لم تتلقَّ سوى 12.5% من التمويل المطلوب (1.25 مليار دولار)، مما يعرض حياة الملايين للخطر.

وحذّرت منظمات أممية من أن وقف أو تقليص المساعدات الإنسانية، لا سيما في قطاعي الغذاء والصحة، قد يدفع الوضع الإنساني إلى نقطة الانهيار، كما تشير دراسة صادرة عن المفوضية في حزيران/يونيو الماضي إلى أن أكثر من 16.5 مليون شخص داخل سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينهم 7.4 مليون نازح داخلي و4.4 مليون لاجئ في دول الجوار، في وقت تتراجع فيه الاستجابة الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist