تشهد محافظة السويداء في الجنوب السوري توترًا أمنيًا متصاعدًا، في أعقاب اشتباكات دامية اندلعت، أمس الأحد، بين مجموعات محلية ومسلحين من بعض العشائر، على خلفية عمليات خطف متبادلة، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة نحو 100 آخرين، بحسب وزارة الداخلية السورية.
وأعلنت وزارتا الداخلية والدفاع السوريتان، اليوم الإثنين، بدء تدخل وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي في مناطق النزاع داخل المحافظة، بهدف “فض الاشتباكات، وفرض الأمن، وتأمين ممرات آمنة للمدنيين”، وأكدتا عزمهما على ملاحقة المتسببين بالأحداث وإحالتهم إلى القضاء، مشددتين على أن “استمرار التصعيد لا يخدم سوى الفوضى ويزيد من معاناة المدنيين”.
وخلال عمليات التدخل، تعرّضت وحدات من الجيش لهجوم مسلّح من قبل مجموعات وصفتها وزارة الداخلية بأنها “خارجون عن القانون”، ما أدى إلى مقتل 4 جنود وإصابة 10 آخرين.
وفي أول تعليق رسمي، قال وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، في منشور له على منصة “إكس”، إن “غياب مؤسسات الدولة، وخصوصًا العسكرية والأمنية، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة”.
وأضاف “خطاب” أن الحل الوحيد لضبط الأوضاع في المحافظة هو “بفرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات بما يضمن السلم الأهلي”، بالإضافة لعودة الحياة إلى طبيعتها “بكل تفاصيلها”.
بالتوازي، بدأت قوى الأمن الداخلي وبالتعاون مع وحدات الجيش السوري انتشارها في قرى السويداء ومحيطها استجابة للتطورات الأمنية، ولمنع تفاقم التوترات وحماية المدنيين والممتلكات. كما انتشرت وحدات من الأمن الداخلي في محافظة درعا على الحدود الإدارية مع السويداء، بهدف ضبط الوضع ومنع امتداد التوترات.
وقال قائد الأمن الداخلي في درعا، العميد شاهر جبر عمران، في بيان له إن قوى الأمن الداخلي”تؤكد التزامها الكامل بواجبها الوطني بحماية جميع المدنيين”، كما وجه دعوة إلى المواطنين بضرورة التعاون مع القوى الأمنية.
وأوضح “عمران” أن الانتشار يهدف إلى “حماية السلم الأهلي ومنع أي تجاوزات أو مظاهر خلل أمني”، مؤكدًا بأن قوات الامن ستتعامل “بحزم” مع أي محاولة لزعزعة الأمن أو استغلال الوضع القائم.
وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، في تصريح نقلته قناة الإخبارية السورية، إلى أن الأزمات الأمنية في السويداء ناتجة عن ما وصفه بـ”تعنت التيار الانعزالي”، معتبرًا أن “لا حل إلا بحضور هيبة الدولة وتفعيل المؤسسات الأمنية والعسكرية”، مؤكدًا أن أهل السويداء “وطنيون سوريون”، وبأن السويداء لن تكون “موئلًا للميليشيات أو العصابات الخارجة عن القانون”.
من جهتها، دعت حركة رجال الكرامة إلى حماية السلم الأهلي، معلنة النفير العام، لكنها شددت على أن هذا النفير “ليس للانتقام بل لمنع الفتنة”، محمّلة السلطات المركزية والمحلية المسؤولية عن تصاعد العنف نتيجة غياب الحماية الأمنية للطرق الحيوية بين دمشق والسويداء، وتكرار الانتهاكات بحق المدنيين.
وفي مواقف تهدئة، دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حمود الحناوي، إلى تدخل الحكماء والعقلاء “لوقف نزيف الدم”، فيما أكد محافظ السويداء مصطفى البكور أن “يد الدولة ممدودة لكل من يسعى للإصلاح وبناء دولة قوية تكفل الحقوق وتحمي السلم الأهلي”.
وكانت الاشتباكات قد بدأت حين هاجمت مجموعات محلية حي المقوس شرقي المدينة، في محاولة لتحرير مخطوفين، واتسعت رقعة المواجهات لتشمل الريف الغربي والشمالي، بما في ذلك قريتا الصورة الكبيرة والطيرة.