لجنة التحقيق الدولية في أحداث الساحل تصدر نتائجها والشيباني يرحب

أكدت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، أن موجة العنف التي اجتاحت الساحل السوري في شهر آذار الماضي، أسفرت عن ارتكاب أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب، من جهات عديدة.

وجاء ذلك، اليوم الخميس، عبر تقرير نشرته اللجنة على موقع الأمم المتحدة الرسمي، مؤلف من 102 صفحة، مع ملخص مرافق.

وقالت اللجنة إن أعمال العنف – التي استهدفت في المقام الأول المجتمعات العلوية وبلغت ذروتها في مجازر وقعت في أوائل آذار – شملت القتل والتعذيب والأفعال اللاإنسانية المتعلقة بمعاملة الموتى، والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.

وأضافت أن بعض هذه الأعمال المروعة تم تصويرها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب لقطات لمدنيين يتعرضون للإساءة والإذلال.

لجنة التحقيق الدولية تحدد المسؤولية

وحمّل تقرير اللجنة المسؤولية لمقاتلين موالين للنظام البائد، (الفلول)، إضافة إلى أفراد من قوات الحكومة المؤقتة وأفراد عاديين عملوا إلى جانبهم، مشيرًا إلى أن الانتهاكات شملت أفعالاً قد ترقى إلى جرائم حرب.

وقال باولو سيرجيو بينهيرو، رئيس اللجنة: “إن حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مقلق للغاية. ندعو السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع الجناة، بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم”.

وأضاف أن اللجنة خلصت إلى أن ما أسماها قوات الحكومة المؤقتة سعت في بعض الحالات إلى وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم، غير أن أفراد من فصائل معينة، تم دمجها مؤخرًا في قوات الأمن التابعة للحكومة أقدموا، على إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء وتعذيبهم وإساءة معاملتهم في العديد من القرى والأحياء ذات الأغلبية العلوية بطريقة منهجية وواسعة النطاق.

وأشار إلى أن اللجنة وثقت أنماطًا متسقة من العنف ضد السكان المدنيين في مواقع متعددة، شملت الاستهداف على أساس الانتماء الديني والعمر والجنس، إلى جانب عمليات إعدام جماعي.

لجنة التحقيق الدولية: تقرير اللجنة الوطنية مهم

بدوره أشاد مفوض اللجنة هاني مجلي بتقرير اللجنة الوطنية السورية الذي صدر قبل أيام عن أحداث الساحل، وقال: “إن التقرير الموجز والإحاطة العلنية الأخيرة التي قدمتها لجنة التحقيق الوطنية السورية بشأن أعمال العنف التي وقعت في الساحل في آذار هي خطوات مهمة للوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة لجميع السوريين”.

وأضاف: “نحن ندعو إلى الإسراع بنشر تقرير اللجنة الكامل، وتنفيذ التوصيات، والالتزام بالمضي قدمًا بسرعة في إصلاح القضاء من أجل محاكمة جميع المتهمين ضمن إجراءات تتوافق مع حقوق الإنسان.”

وأعربت اللجنة التي استندت إلى تحقيقات مكثفة، شملت أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، عن امتنانها لما أسمتها السلطات المؤقتة لإتاحة الوصول غير المقيد إلى المناطق المتضررة في اللاذقية وطرطوس في حزيران/يونيو 2025، بما في ذلك للقاء مجموعة من المسؤولين فضلاً عن ثلاثة مواقع لمقابر جماعية.

وخلصت اللجنة إلى أنها لم تجد أي دليل على وجود سياسة حكومية محددة أو خطة لشن هجمات على الساحل السوري في أحداث آذار.

وأوصت اللجنة بإجراءات عاجلة من قبل الحكومة السورية لزيادة حماية المجتمعات المتضررة، إضافة إلى إحالة المشتبه فيهم إلى العدالة الجنائية.

كما أوصت “بتوسيع نطاق عمليات الفرز بحيث لا يتم تجنيد مرتكبي الانتهاكات الجسيمة المعروفين أو المشتبه فيهم في الماضي في صفوف قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة.”

وصف الأحداث

ووصف التقرير ما حدث بالساحل بأنه عملية عنف “اندلعت سريعًا نتيجة عملية اعتقال شنتها السلطات المؤقتة السورية في 6 آذار/مارس 2025، والتي رد عليها مقاتلون موالون للحكومة السابقة بالقبض على مئات من أفراد قوات الحكومة المؤقتة وقتلهم وإصابتهم”.

وأضاف التقرير أنه سرعان ما تفاقم الوضع ليتحول إلى أعمال عنف واسعة النطاق، بلغت ضحاياه بحسب تقارير 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، لقوا حتفهم في المجازر التي أعقبت ذلك. وكانت الغالبية العظمى من الضحايا من الرجال البالغين، لكن من بين الضحايا حوالي 100 امرأة ومسن ومعاق، بالإضافة إلى أطفال.

وذكّر تقرير اللجنة الدولية “بالتزام السلطات المؤقتة في سوريا بتحديد المسؤولين عن أحداث آذار/مارس وضمان محاسبتهم”، وذلك بناء على ما توصلت إليه لجنة التحقيق الوطنية، في 22 تموز “حيث حددت بشكل أولي 298 من الجناة من الفصائل العسكرية و265 من الجناة المرتبطين بجماعات مسلحة تابعة للحكومة السابقة، وأحالت أسماءهم إلى النائب العام”.

الشيباني يرحب

في المقابل رحب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بنتائج تقرير اللجنة الدولية، وذلك عبر بيان نشرته المعرفات الرسمية للوزارة، مشيرًا إلى أنه ينسجم مع تقرير لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة.

وقال الشيباني موجها الخطاب لرئيس لجنة التحقيق الدولية ” نقدر عاليا الجهود التي عكسها تقريركم الأخير ونفخر بشكل خاص، بإقرار اللجنة بمنح فريقكم الاستقصائي في شهر آذار، وصولًا غير مسبوق ودون أي قيود إلى المناطق الساحلية المتأثرة بالعنف، وهو وصول لم يُمنح لأي جهة دولية من قبل في التاريخ السوري المعاصر”.

وأكد الشيباني التزام سوريا بدمج توصيات تقرير اللجنة الدولية ضمن مسار بناء المؤسسات وترسيخ دولة القانون في سوريا الجديدة.

وبين 6-10 أذار الماضي، بدأ مقاتلون من فلول نظام الأسد البائد بالهجوم على قوى الأمن الداخلي، ثم تدخلت فصائل موالية للحكومة السورية، لصد تلك الهجمات، ما أوقع في النهاية مئات القتلى بينهم ضحايا مدنيون، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist