سلّطت صحيفة إيكونوميست البريطانية الضوء في تقرير لها، على إطلاق موقع إلكتروني تفاعلي جديد بعنوان “متحف سجون سوريا”، يوثق عبر أرشيف رقمي وشهادات حية عقودًا من القمع والتعذيب في سجون النظام السوري البائد، وعلى رأسها سجن صيدنايا شمال دمشق، أحد أكثر السجون رهبةً في تاريخ البلاد.
ويقدم الموقع، الذي أنجزه فريق من الصحفيين والصحفيات والناشطين السوريين، رواية شاملة للدور القاتم الذي لعبه “صيدنايا” في مسار الاعتقال السياسي، بوصفه “بؤرة للإعدام والاحتجاز” على حد سواء.
ويجمع الموقع بين جولة افتراضية بزاوية 360 درجة داخل غرف الإعدام، ووثائق عن العبارات الرسمية التي استخدمها النظام للتغطية على مقتل السجناء، إلى جانب شهادات صوتية ومرئية لناجين عايشوا أهوال السجن.
وبحسب التقرير، شكّل سجن صيدنايا بالنسبة لمعارضي النظام المحطة الأخيرة في رحلة طويلة من التحقيق والتعذيب، إذ كان معظم نزلائه يواجهون إما الإعدام شنقًا في ساعات الفجر الأولى، أو الحبس لأجل غير مسمى.
وفي حالات الاكتظاظ، كان الحراس يلجؤون إلى الضرب حتى الموت أو الخنق، فيما تعرض آخرون للتجويع قبيل تنفيذ حكم الإعدام.
ويأتي هذا المشروع بعد 9 أشهر من سقوط نظام الأسد، في ظل استمرار آلاف العائلات السورية بالبحث عن مصير أبنائها المفقودين والمختفين قسرًا، كما يرى القائمون على الموقع أنه يمثل في آن واحد “أرشيفًا جنائيًا يوثق الانتهاكات ونصبًا تذكاريًا رقميًا يخلّد الضحايا”، وقد يشكل مستقبلًا مرجعًا قانونيًا في مسار المحاسبة.
وتشير إيكونوميست إلى أن المشروع يستند إلى خبرة سابقة لفريق العمل، الذي أنجز أرشيفًا رقميًا لسجون تنظيم داعش، جرى استخدامه كدليل في محاكمات بأوروبا، ما يعزز إمكانية اعتماد “متحف سجون سوريا” في أي إجراءات قضائية مستقبلية ضد المسؤولين عن الانتهاكات.
ومن المنتظر أن يُتاح الموقع قريبًا أمام الجميع، بدءًا من أهالي المفقودين السوريين، وصولًا إلى المحامين والباحثين والمؤرخين.
ويصادف إطلاق هذا المشروع اليوم الدولي للمفقودين والمختفين قسرًا، الذي يُحييه العالم في 30 آب/أغسطس من كل عام، تأكيدًا على حق العائلات في معرفة مصير أحبائها ومساءلة المسؤولين عن اختفائهم.
