الشبكة السورية لحقوق الإنسان: اللواء محمد الشعار متهم بارتكاب جرائم “ضد الإنسانية”

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، تقريرًا مفصلًا يتناول السجل الحقوقي للواء محمد الشعار، وزير الداخلية السابق في عهد النظام البائد، متهمة إياه بالمسؤولية عن ارتكاب انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم “ضد الإنسانية” خلال فترة توليه الوزارة بين عامي 2011 و2018، وأحد أعضاء “خلية الأزمة” التي شكلها الرئيس المخلوع في بدايات الثورة.

ويوثق التقرير، المستند إلى قاعدة بيانات موسعة بحسب الشبكة، ما لا يقل عن 256 ألفًا و364 انتهاكًا نسبت إلى أجهزة وزارة الداخلية في تلك الفترة، شملت “أنماطًا ممنهجة من الانتهاكات مثل القتل خارج نطاق القانون، التعذيب، الإخفاء القسري، الاعتقال التعسفي، والتواطؤ في تنفيذ إعدامات تعسفية”.

واعتبرت الشبكة أن هذه الجرائم “لا تسقط بالتقادم” وتشكل أساسًا قانونيًا لملاحقة الشعار أمام القضاء الوطني أو الدولي.

ووفق التقرير، تتحمل وزارة الداخلية تحت قيادة الشعار دورًا محوريًا في تنفيذ سياسات “القمع الممنهج” التي انتهجها النظام البائد في مواجهة الحراك الشعبي.

وأشار التقرير إلى أن الوزارة شاركت في عمليات التهجير القسري، وحرمت “عشرات الآلاف” من الحصول على الوثائق الرسمية، بالإضافة لابتزاز المواطنين ماديًا، إلى جانب تنفيذ قرارات صادرة عن محاكم استثنائية طالت معارضين سياسيين ومواطنين عاديين.

ضحايا الانتهاكات بالأرقام

وثق التقرير الصادر عن الشبكة، بحسب مجموعة من الإحصائيات المستندة إلى بيانات قالت الشبكة إنها تحققت منها، مسؤولية الشعار عن ما يصل إلى “ربع مليون” انتهاك موثق.

وشملت الانتهاكات التي رصدتها الشبكة مقتل 10 آلاف و452 مدنيًا، بينهم 803 أطفال و737 سيدة، برصاص قوات الشرطة والأمن السياسي خلال قمع الاحتجاجات، بالإضافة إلى وفاة 110 معتقلين في السجون المدنية، بينهم 93 تحت التعذيب وسوء الرعاية الصحية.

وأشار التقرير إلى اختفاء ما لا يقل عن 1661 شخصًا بشكل “قسري”، وقد سجلوا لاحقًا “كمتوفين” في دوائر السجل المدني، بينهم 50 طفلًا و21 سيدة، بالإضافة إلى تنفيذ الوزارة في عهد اللواء الشعار 843 حالة إعدام لعناصر وضباط شرطة منشقين.

وأكد تقرير الشبكة مسؤولية الوزارة عن مصادرة ممتلكات في 11 ألف و267 حالة وفرض 115 ألفًا و836 تعميمًا لمنع السفر، إلى جانب إصدار 112 ألف مذكرة بحث.

مسيرة أمنية طويلة ومسؤوليات مباشرة

استعرض التقرير السيرة الأمنية والعسكرية لمحمد الشعار، بدايةً من تقلده لمناصب أمنية حساسة، منها رئاسة فروع الأمن العسكري في حماة وحلب وطرطوس، ثم فرع المنطقة 227 في دمشق، قبل أن يتولى قيادة الشرطة العسكرية، وأخيرًا وزارة الداخلية.

وبحسب التقرير، فإن الشعار مسؤول مباشرة عن الانتهاكات التي وثقتها الشبكة إما “عبر الإشراف المباشر أو عبر التقاعس عن اتخاذ إجراءات لوقفها أو محاسبة مرتكبيها”.

وركز التقرير على المسؤولية القانونية التي يتحملها الشعار، وفق مبادئ القانون الدولي الإنساني، والتي تشمل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة، مشيرًا إلى أن استمرار الانتهاكات على مدى سنوات من دون تدخل من الوزير “عزز من احتمال تورطه أو تواطئه”.

دعوات للمحاسبة والإصلاح المؤسسي

أوصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها باتخاذ سلسلة من التدابير، مثل فتح تحقيقات قضائية بحق محمد الشعار وجميع المتورطين في الانتهاكات، ورفض أي حصانة قانونية أو تسوية سياسية من شأنها منحه الإفلات من العقاب.

وأشارت الشبكة إلى ضرورة “إعادة هيكلة وزارة الداخلية” ومحاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات الجسيمة، وإلغاء الإجراءات التعسفية الصادرة عن الوزارة، مثل قرارات الحجز ومنع السفر.

كما أوصت الشبكة بتأسيس “هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية” بهدف توثيق الانتهاكات وضمان حقوق الضحايا، كما دعت الشبكة إلى تعزيز التعاون مع الهيئات الدولية، مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، من أجل ضمان عدم إفلات المسؤولين عن هذه الانتهاكات من العدالة.

وفي 4 من فبراير/شباط الماضي سلم وزير اللواء محمد الشعار نفسه للسلطات السورية، بعد الحملة الأمنية التي شنتها الحكومة السورية لملاحقة “فلول النظام” وسحب السلاح، والتي مكنتها من إلقاء القبض على عدد من رموز النظام البائد، مثل “محمد كنجو” المسؤول عن الجرائم في سجن صيدنايا، وضباط وعسكريين آخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist