سوريا الجديدة - حلب
“الأَسرّة هنا منذ تأسيس المستشفى دون تغيير، وهي الآن متسخة جدًا!”، بهذه الكلمات المليئة بالاستياء، لخصت سيدة مراجعة لمستشفى حلب الجامعي الوضع الكارثي الذي آل إليه الصرح الطبي الأكبر في المدينة.
فبعد أشهر من سقوط النظام البائد، تتكشف فصول جديدة من الإهمال والفساد، حيث تحول المستشفى الذي كان يُفترض أن يكون ملاذًا للمرضى إلى بؤرة للأوساخ ونقص حاد في الخدمات الأساسية.
وكالة “سوريا الجديدة” زارت المستشفى ورصدت حجم المأساة عبر شهادات حية من المرضى والكوادر الطبية.
الشكوى الأبرز كانت من سوء النظافة، حيث قالت سيدة مراجعة للمشفى: “نريد من المسؤولين أن يأتوا ويروا الوضع بأنفسهم، المستشفى بحاجة ماسة إلى تنظيف شامل، كل شيء هنا متسخ من الداخل والخارج”.
هذا ما أكده أحد الكوادر اللوجستية في المستشفى، الذي أشار إلى أن حاويات النفايات لم تُفرّغ لأربعة أيام متتالية بسبب عدم استجابة البلدية.
لكن الأزمة لا تقتصر على النظافة، حيث يروي والد طفلة مريضة قصة معاناته قائلًا: “وضع المستشفى مأساوي. اضطررت للخروج لشراء إبرة كزاز لابنتي البالغة من عمرها سنتين بعد لدغة أفعى، لأنها غير متوفرة، استغرقت ساعة كاملة حتى حصلت عليها، وكان السم قد وصل إلى صدرها”.
هذا النقص الحاد في المعدات والأدوية يضع حياة المرضى على المحك، ويشل قدرة الأطباء على تقديم الرعاية. سيدة كانت تعاني من آلام الظهر بسبب انزلاق غضروفي، طُلب منها إجراء صورة أشعة، لتُفاجأ عند وصولها للمستشفى بالرد: “لا يوجد جهاز أشعة!”، وتساءلت بحرقة: “فلماذا يفتحون العيادة أساسًا؟ حتى الدواء غير متاح”.
من جانبه، وصف أحد أعضاء الكادر الطبي الوضع بالصعب للغاية، قائلًا: “لدينا غرفة ضماد واحدة فقط بمعدات محدودة، إذا جاءنا جرحى، نضطر للتوقف عن الاستقبال حتى يتم تعقيم الأدوات”.
وأقر مدير مستشفى حلب الجامعي، الدكتور إبراهيم الأسعد، بحجم الكارثة التي ورثتها الإدارة الجديدة من النظام البائد. وقال: “صُدمنا بواقع المستشفيات في سوريا عامةً وحلب خاصةً، دخلنا إلى مستشفى حلب الجامعي فوجدناه في وضع مأساوي فمعظم الأجهزة منتهية الصلاحية أو بحاجة إلى صيانة شاملة، والبنية التحتية متدهورة تمامًا”.
وكشف الدكتور الأسعد عن “عقود وهمية” كانت تُبرم في عهد النظام السابق مع شركات نظافة، معتبرًا إياها جزءًا من منظومة فساد متكاملة. وأضاف: “كانت الدولة تتعاقد مع 100 عامل نظافة بينما لا يقدم المتعهد سوى 30 عاملًا”.
وعلى الرغم من حجم التحديات، أكد مدير المستشفى أن العمل قد بدأ لإصلاح ما يمكن إصلاحه. وأوضح: “بدأنا منذ أسبوع بتنسيق كامل مع بلدية حلب، وأصبحت النفايات تُنقل مرتين يوميًا على الأقل، مما خفف من تراكمها”.
ورغم الخطوات الأولية المتخذة لتحسين واقع المستشفى، يبقى بحاجة ماسة إلى صيانة شاملة ودعم لضمان الرعاية الصحية، مع مطالبات متزايدة لتحسين الخدمات وتوفير المعدات والأدوية والتحاليل الأساسية.