سوريا تحذف صفرين من الليرة.. ماذا وراء تغيير العملة؟

تعتزم الحكومة السورية إصدار عملة جديدة وحذف صفرين من عملتها، في خطوة تهدف إلى إعادة الاستقرار والثقة في الليرة السورية التي تدهورت قيمتها بشكل كبير.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة الجديدة لتعزيز الليرة السورية، التي خسرت أكثر من 99% من قيمتها منذ عام 2011، حيث وصل سعر صرفها إلى نحو 10 آلاف ليرة مقابل الدولار، بعد أن كان 50 ليرة قبل الحرب.

وقالت الوكالة نقلًا عن 3 مصرفيين إن أحد العوامل وراء خطة إصلاح العملة هو القلق بشأن تداول ما يُقدر بنحو 40 تريليون ليرة سورية خارج النظام المالي الرسمي. ومن شأن إصدار أوراق نقدية جديدة تحسين رقابة الحكومة على النقد المتداول.

ووفقاً لمصادر مطلعة، تم الاتفاق مع شركة “جوزناك” الروسية الحكومية لطباعة الأوراق النقدية الجديدة، ويخطط لإطلاقها في الثامن من كانون الأول، تزامنًا مع الذكرى الأولى للإطاحة بنظام الأسد البائد.

وتحمل هذه خطوة تغيير العملة دلالة رمزية مهمة للتخلص من إرث عائلة آل الأسد، حيث سيتم إزالة صور رئيس النظام البائد بشار الأسد ووالده حافظ من العملات الجديدة.

رؤية المصرف المركزي

قال حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، في تصريحات لقناة العربية إن تغيير العملة هو “ركيزة أساسية” للإصلاح وتحقيق الاستقرار النقدي، معتبرا أن الليرة الجديدة ستكون “علامة حريتنا”. وأوضح أن الليرة تحسنت بنحو 35% منذ سقوط النظام، وأن رفع العقوبات عن القطاع المصرفي ساهم في خفض التضخم.

كما أشار حصرية إلى جهود إعادة هيكلة وإصلاح المصارف، والسعي للتعاقد مع نظام “سويفت” العالمي، بهدف إعادة الثقة في النظام المصرفي وتشجيع الاستثمارات من خلال منح تراخيص لعشرات البنوك المحلية والأجنبية. وأكد أن تصميم العملة الجديدة يتناسب مع تطلعات السوريين.

ماذا وراء تغيير العملة؟

في تصريح خاص لوكالة “سوريا الجديدة”، قدم الأكاديمي والباحث الاقتصادي سامر النقيب تحليلًا موسعًا لخطوة حذف الأصفار، مشيرًا إلى أنها إجراء استثنائي يتم اتخاذه عادةً بعد أزمات سيولة وتضخم حادة، كما حدث في تركيا عام 2004.

وأكد النقيب أن سوريا خرجت للتو من حرب كارثية دمرت بنيتها التحتية، ما يجعل إعادة النظر في وضع الليرة أمرًا ضروريًا، وأوضح أن التذبذب الشديد في سعر الصرف، الذي وصل إلى 40 ألف ليرة للدولار ثم تحسن إلى 10 آلاف، يشير إلى تضخم حاد وأزمة سيولة كبيرة في البلاد.

وأضاف النقيب أن إزالة الأصفار قد يخفف من حجم الأوراق النقدية المتداولة، خاصة مع وجود نحو 40 تريليون ليرة سورية خارج النظام النقدي لأسباب متعددة، مثل تلف الأوراق أو خروجها من البلاد.

ونوه النقيب إلى أن نجاح هذه الخطوة يتطلب اتخاذ إجراءات مصاحبة، مثل مراقبة الإنفاق العام، فرض سياسات نقدية صارمة، إطلاق حملات توعية لكسب ثقة الشعب، العمل على خفض التضخم، تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية، وعدم الاعتماد على الديون الخارجية.

واختتم النقيب حديثه بالتشديد على ضرورة أن تترافق هذه الإجراءات مع استقرار في الاقتصاد المحلي لضمان نجاحها في إعادة ضبط الكتلة النقدية الداخلية واستعادة الاستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist