نشرت وزارة الداخلية السورية اعترافات لثلاثة ضباط كانوا ضمن النظام البائد، أكدوا خلالها ارتكابهم جرائم قتل واعتقال بحق المدنيين في منطقة مهين بريف حمص الشرقي، وقامت الوزارة بجمع الضباط مع ذوي بعض الضحايا الذين قضوا على أيديهم، وتحدث ذوو الضحايا عن مسؤولية الضباط في اعتقال أبنائهم وقتلهم.
والضباط الثلاثة المتورطين في هذه الانتهاكات هم:
– العقيد يائل حسن، الذي كان يشغل منصب قائد مستودعات مهين إلى جانب كونه مسؤولًا عن الحملات العسكرية في كل من مهين والقريتين بريف حمص الشرقي.
– النقيب وجيه أحمد إبراهيم، الذي كان يتولى مسؤولية ضابط أمن مستودعات مهين.
– الملازم أول مصطفى ظاهر الخضر، الذي كان قائدًا لكتيبة الطوارئ المسؤولة عن عمليات الاعتقالات ونصب الكمائن في المنطقة.
كشفت الاعترافات عن مجموعة من الانتهاكات المروعة بحق أهالي ريف حمص، حيث أكد العقيد يائل الحسن أنه، وبتوجيهات وتعليمات مباشرة من فرع 261، ألقى القبض على العشرات من المدنيين وقام بتحويلهم إلى الفرع ذاته، موضحًا أنه “كان يحدث أحيانًا تبادل لإطلاق النار يؤدي إلى وفيات تُحوَّل إلى المشفى العسكري بحمص”. علاوة على ذلك، وأشار إلى أنه كان يُنقل أشخاص إلى المستودع لأخذ اعترافاتهم، حيث كانوا يتعرضون للتعذيب.
تضمنت اعترافات الحسن أيضًا إقراره بتصفية ستة أشخاص كانوا يستقلون سيارة “بيك آب” برفقة سائق، حيث أقر الحسن بأنه أخذ الأشخاص إلى بلدة صدد، وتحديدًا إلى أقنية المياه الرومانية، حيث “قام بتصفية الركاب الستة أمام السائق الذي أحيل لاحقًا إلى الفرع 261”.
وأضاف الحسن من موقع الحادثة أنه “وضع الضحايا الستة في محيط إحدى الأقنية، زأطلق النار عليهم فردًا فردًا، ثم دفع جثثهم نحو القناة”.
وأشار النقيب وجيه إبراهيم إلى أنه بعد أيام من الحادثة توجه الإعلام التابع للنظام المخلوع توجه إلى المنطقة، وجرى انتشال الجثث الستة من البئر الروماني وتصويرهم على أنهم “مدنيون قتلهم الثوار”.
وفي حادثة أخرى، أحضر عناصره ثلاثة أشخاص، اثنان منهم كانا مقتولين بالفعل والآخر مصاب إصابة بليغة. وبعد تواصله مع العقيد يائل الحسن، طلب منه الأخير “الإجهاز على المصاب الذي كان النقيب المنشق نديم العمار، فقام بقتله مباشرة”.
وحول أساليب التعذيب التي كان يمارسها الضباط، تحدث الملازم أول مصطفى ظاهر الخضر عن تفاصيل مروعة، موضحًا أن المعتقلين كانوا يتعرضون لعدة أساليب منها الضرب “فلقًا أو شبحًا”، كما كان يتم “صب ماء ساخن عليهم، وإطفاء السجائر في أيديهم أو أجسادهم”.
وأشار إلى أن أحد الضباط “كان يستخدم فحم الأرجيلة في تعذيب المعتقلين”، في حين أن آخر “كان يعذبهم بإشعال كيس نايلون وتذويبه على أقدام الموقوفين”. مؤكدًا أن مجموعة من الضباط وعناصر مجموعته وعناصر الباب الرئيسي كانت “تشترك في التعذيب”.
ففي شهادة مؤثرة، قالت إحدى السيدات التي فُقد ابنها بعد اعتقاله على يد يائل الحسن: “بقيت واقفة قرب الجدار أنتظر عودة ابني، وحتى الآن رأيت هذا (الحسن) ولم أرَ ابني”.
من جانبها، أفادت سيدة أخرى بأنها فقدت خمسة من أبنائها، وأن أكبرهم محمد عموري اعتقل على يد “عقيد مهين” يائل الحسن.
وفي سياق آخر، أكد عبد الحكيم العمار، شقيق النقيب نديم العمار، أن شقيقه تعرض لكمين أثناء عودته، مضيفًا: “بحسب معلومات وصلتنا، أن جيش النظام أخذه إلى مستودعات مهين، وإن النقيب وجيه إبراهيم هو من قام بتصفيته لاحقًا”.
كما روت سيدة أخرى، وهي أم الشهيد محمد قاسم السليمان، أن ابنها اعتقل على يد العقيد يائل الحسن، قائلة: “اعتقلوا ابني على الطريق بين مهين وصدد، الذي اعتقله العقيد يائل الحسن الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة يوم 27 رمضان، كان متجهًا ليصلي في الجامع ويفطر ويعود إلينا وما عاد.. يعني ما في بيت بالبلد إلا تأذى من الحسن”.
وبعد انتهاء اعترافات الضباط أكد القيادي في الأمن الداخلي محمد عبد القادر أن قوى الأمن الداخلي “نفذت في منطقة حمص عملية نوعية أسفرت عن اعتقال عدد من الضباط المجرمين من فلول النظام المخلوع ممن تورطوا بارتكاب مجازر وانتهاكات جسيمة في منطقة مهين”.
وشدد عبد القادر على أن هذه العملية “تؤكد أن دماء الشهداء لن تذهب هدرًا وأن يد العدالة ستطال كل من تجرأ على قتل الأبرياء وتدمير القرى والمدن”، مؤكدًا أن “زمن الإفلات من العقاب قد ولى، وأن القصاص العادل قادم لا محالة بحق كل من تلوثت يداه بدماء الأبرياء”.