أولى خطواتها تدفق المياه نحو الحسكة… خارطة طريق تزرع التفاؤل شمال شرق سوريا  

رامي محمد – خاص

كشف مصدر خاص أن الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) اتفقت على خارطة طريق جديدة في مناطق شرق سوريا، بعد أكثر من شهر على توقيع الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد “قسد” مظلوم عبدي، لاتفاق يقضي بدمج المؤسسات المدينة والعسكرية ضمن مؤسسات الدولة السورية.

وتضم “خارطة الطريق الجديدة” لمناطق شرق سوريا عدة نقاط، أبرزها، وفقاً للمصدر “تسليم مدينة عين عيسى واللواء 93 للحكومة السورية، وإعادة فتح طريق M4 الدولي، وتسيير دوريات مشتركة للحكومة السورية وقسد والتحالف الدولي لتأمين الطريق، وإعادة تشغيل محطة مياه علوك المتوقفة منذ عام 2023 في مدينة رأس العين بريف الحسكة”. وتأتي أهمية الخطوات الجديدة في كونها تدعم الاتفاق الموقع بين دمشق و”قسد”، لدعم الاستقرار السياسي والأمني في سوريا، وتحسين الخدمات للسكان، وتعزيز الاقتصاد المحلي.

محطة علوك

في سبتمبر/أيلول 2019 توقفت محطة مياه علوك عن العمل، التي تقع بالقرب من مدينة رأس العين بريف الحسكة شرقي سوريا، بسبب المعارك التي نشبت في المنطقة بعد إعلان تركيا وفصائل الجيش الوطني إطلاق عملية “نبع السلام”. ومنذ ذلك الحين، تعرضت المحطة للإيقاف عشرات المرات، وسط تبادل اتهامات بين الجانبين بتعطيلها، مثل رفض تزويد المحطة بالكهرباء من سد تشرين الواقع تحت سيطرة قسد، أو رفض دخول فرق الصيانة إلى المحطة من جانب الجيش الوطني والقوات التركية، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتعد المحطة المصدر الرئيسي للمياه لمدينة الحسكة والمناطق المحيطة بها، حيث تغذي قرابة مليون نسمة بمياه الشرب والطهي، وبحسب مراسلة موقع “سوريا الجديدة” فقد بدأ التخطيط لصيانة المحطة عن طريق متعهد من القطاع الخاص، وأشار المراسل إلى أن الصيانة ستتم بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

التقت مراسلة “سوريا الجديدة” عدداً من سكان المدينة لاستطلاع آرائهم حول الاتفاق وإعادة تأهيل المحطة وضخ المياه، حيث قال أحد وجهاء المنطقة “إن الأهالي تعبت من الخلافات، وتأمل بالتوصل لاتفاق يحل جميع المشاكل، انطلاقاً من إعادة تأهيل المحطة وبدأ ضخ الماء، وحل مشكلة المياه التي يعاني منها السكان منذ عامين، خصوصاً مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة”.

المياه أولاً

تواجه معظم أحياء مدينة الحسكة، وريفها، من أزمة مياه حادة منذ سنوات، لكن وقعها على حياة السكان يزداد سنوياً مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وهذا العام يبدو عام جفاف، أي أن الأزمة ستكون أكثر حدة، تزامنًا مع سلسلة من الأزمات المتعاقبة، وآخرها أزمة ارتفاع أسعار المحروقات، وأحد العوامل التي تؤدي عادة إلى تفاقم أزمة المياه توقف الضخ من محطة علوك، وكذلك قلة عدد صهاريج الماء واستغلال أصحابها لارتفاع الطلب، من خلال رقع الأسعار، إذ بلغ سعر خمسة براميل من الماء أكثر من 50 ألف ليرة سورية وفق ما أكدت المراسلة.

تقول مراسلة موقع “سوريا الجديدة” إن”الأهالي لا يستطيعون العيش بلا مياه، ولذلك هم مضطرون لشراء المياه من الصهاريج التي تنقل غالبًا مياهًا غير نظيفة وغير موثوقة المصدر، كما تعاني مياه شبكات التوزيع والصهاريج من ارتفاع نسبة الكالسيوم، ما ينعكس سلبًا على صحة السكان”.

تستجر محافظة الحسكة مياهها من ثلاثة مصادر رئيسة هي: محطة الهلالي” القريبة من قرية نافكور غرب القامشلي، ومحطة عويجة بالقرب من المنطقة الصناعية، ومحطة جقجق، وتعتبر محطة الهلالية المصدر الأبرز لمدينة القامشلي، وهي أكبر مدن المحافظة، حيث تحتوي على 510 آبار، وتؤمّن مياه الشرب لنحو 80% من سكان المدينة، وتغذي محطة علوك مدينة الحسكة وريفها بالمياه، وتعتبر المصدر الرئيس لحوالي 460 ألف نسمة في مدينة الحسكة وتل تمر ومخيمي الهول والعريشة.

تفاؤل حذر

قالت عائشة محمد، وهي من سكان الحسكة إن ” إعادة المياه ستشعرنا بأن هناك أحد يشعر بنا، ويمكن أن يكون مؤشراً جيداً لحل باقي مشاكل المنطقة وإراحة السكان”. وأضافت “عودة المياه تعني التخفيف كثيراً من أعباء المعيشة، الناس كانت خلال السنوات الماضية لشراء الماء، وتوفيره كان مكلف ولم تكن كل الأسر تحصل على الماء النظيف المخصص للشرب وعمليات الطهي”.

وخلال استطلاع أجرته مراسلة موقع “سوريا الجديدة”، عبر العديد من السكان عن تفاؤلهم الحذر بعودة ضخ المياه، مؤكدين بأن تشغيل المحطة ستكون بدايةً “لحل جميع الخلافات، وستثبت أن الحوار قادر على حل جميع المشاكل”، وأنها ستفتح الباب لتفاهمات أوسع تمهد لعودة المنطقة إلى كنف الدولة السورية، والتي بدورها ستكون مهتمة بطبيعة الحال بتوفير معظم الخدمات الأساسية للناس.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist