دعت رئاسة الجمهورية العربية السورية، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى الالتزام الكامل بالاتفاق المبرم في 10 آذار/مارس الماضي بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي، وحذر بيان الرئاسة من خطورة المشاريع الانفصالية التي تهدد وحدة الأراضي السورية.
وقالت الرئاسة في بيان أن الاتفاق الذي جرى بين الرئيس الشرع وعبدي شكّل خطوة إيجابية نحو التهدئة والانفتاح على حل وطني شامل، إلا أن التصريحات والتحركات الأخيرة لقيادة “قسد” الداعية إلى الفيدرالية تتعارض مع مضمون الاتفاق وتهدد وحدة البلاد، كما جدد البيان التأكيد على أن الاتفاق كان بناءً حين يُنفذ بروح وطنية جامعة، بعيداً عن المشاريع الخاصة أو الإقصائية، مشدداً على رفض أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل.
وأكد بيان الرئاسة على أن وحدة سوريا أرضاً وشعباً تشكل خطاً أحمر، محذرةً من أن أي تجاوز لهذا الثابت يُعد خروجاً عن الصف الوطني ومساساً بالهوية السورية الجامعة، وأعرب البيان عن قلق عميق إزاء بعض الممارسات التي توحي بتوجهات خطيرة نحو تغيير ديمغرافي في بعض المناطق، مما يهدد النسيج الاجتماعي السوري ويضعف فرص الحل الوطني الشامل.
وحذر البيان من تعطيل عمل مؤسسات الدولة السورية في المناطق التي تسيطر عليها “قسد”، ولفت البيان إلى أن تقييد وصول المواطنين إلى خدمات الدولة واحتكار الموارد الوطنية يسهم في تعميق الانقسام وتهديد السيادة الوطنية، ورفض البيان استئثار “قسد” بالقرار في شمال شرقي سوريا، فالمنطقة وفق البيان تضم مكونات أصيلة من عرب وكرد ومسيحيين وغيرهم، جاء في البيان “مصادرة قرار أي مكون واحتكار تمثيله أمر مرفوض، فلا استقرار ولا مستقبل دون شراكة حقيقية وتمثيل عادل لجميع الأطراف”.
وجاء في بيان الرئاسة التأكيد على حقوق الأكراد، كسائر مكونات الشعب السوري، فهي مصونة في إطار الدولة الواحدة، على قاعدة المواطنة الكاملة والمساواة أمام القانون، دون الحاجة لأي تدخل خارجي أو وصاية أجنبية، وختم البيان بدعوة موجهة الى “قسد” تطالبها بالالتزام الصادق ببنود الاتفاق، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبارات ضيقة أو خارجية، مشددةً على أن الحل في سوريا يجب أن يكون سورياً ووطنياً وشاملاً، يحافظ على وحدة البلاد وسيادتها ويرفض كل أشكال الوصاية أو الهيمنة الخارجية.
يأتي البيان الرئاسي بعد أيام قليلة من تعليق العمل بالاتفاق بين الحكومة السورية و”قسد” في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، فالأخيرة عطلت عملية تنفيذ باقي الخطوات وبدا أنها ترفض تطبيق البند المتعلق بإطلاق سراح الأسرى وتبييض السجون، وقد شهدت الساحات القريبة من أحياء الشيخ مقصود والأشرفية احتجاجات شعبية شارك فيها أهالي معتقلين لدى “قسد”، طالبوها بتنفيذ كامل بنود الاتفاق وإطلاق سراح أبنائهم.
ويبدو أن بيان رئاسة الجمهورية العربية السورية كان بمثابة رد على استمرار التصريحات الصادرة عن قيادات “قسد” التي تطالب باللامركزية في سوريا، وعملت على تضمين هذا البند ضمن البيان الختامي لمؤتمر الحوار الكردي الذي عُقد في القامشلي مؤخراً، وحضرته أحزاب ومكونات كردية سورية وغير سوريا.
يرى الكاتب والسياسي السوري، علي تمي، أن هناك أخطاء قد تُرتكب داخل مؤتمر ما، أو اجتماع، أو محفل حزبي أو سياسي، وهذه أمور ثانوية يمكن تداركها وتجنبها، لكن عندما يتعلق الأمر بمسألة مصيرية ومصير شعب بأسره، يصبح الأمر مختلفًا تمامًا. يضيف تمي لموقع “سوريا الجديدة” أنه “عندما يمنحك الطرف الآخر فرصة للتفكير وإعادة حساباتك، فهذا دليل على الوعي، وإذا لم تُعطِ هذه الفرصة أي أهمية، فهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على ضعف النظرة السياسية وعدم القدرة على تدارك خطورة اللعب بالنار”.
ويشر تمي إلى أن “بشار الأسد لم يستغل الفرص التي أُتيحت له عبر مؤتمرات جنيف على مدار عقد من الزمن، وكانت النتيجة كارثية عليه، لذلك، استغلال الفرص يتطلب أيضًا حكمةً وعقلًا، لا تجارًا ومغرورين، ففي السياسة، ضياع الفرص يعني أنك تحكم على نفسك بالموت والاندثار”.