8 آلاف هكتار خارج الإنتاج وسط سوريا.. هل الجفاف وحده المسؤول؟

أعلنت الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب أن مساحات من الأراضي الزراعية قد خرجت من الإنتاج الزراعي لهذا العام، نتيجة الظروف الجوية وانحباس الأمطار، وأفاد المدير العام للهيئة عبد العزيز القاسم أن 7782 هكتاراً من الأراضي الزراعية قد خرجت عن الإنتاج نتيجة الجفاف وانحباس الأمطار التي شهدتها المنطقة هذا العام، بالإضافة لانخفاض واردات المياه من سد الرستن، وتراجع غزارة الينابيع والأنهار مع تخريب بعض قنوات الري.

انخفاض الوارد المائي

وأضاف القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “سوريا الجديدة” إن “انخفاض الوارد المائي من سد الرستن إلى مجال اشراف الهيئة، وخروج سد أفاميا A عن الخدمة بالكامل وعدم الاستفادة منه مطلقا في ري المحاصيل أثرت بشكل كبير على المساحات الإنتاجية، المروية والبعلية”.

ويؤكد القاسم بأن “سرقة معدات محطات الضخ إلى السد من قبل عناصر النظام البائد وانخفاض غزارة الينابيع والأنهار التي كانت تساهم بعملية ري المحاصيل، أدت لانخفاض الإنتاج الزراعي في تلك المساحات، وبشكل خاص القمح”.

وفي خطوات عملية لتحسين الري ودعم القطاع الزراعي، قامت الهيئة وبالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بتنفيذ أعمال صيانة للجزء الأول من قناة الري “ج1”، الممتدة من منطقة العشارنة وحتى نهر البارد في سهل الغاب

عوامل أخرى

بحسب القاسم، مدير الهيئة لإدارة وتطوير موارد الغاب، تصل مساحة الأراضي الخاصة للزراعة في الغاب إلى 52 ألفاً و540 هكتاراً، خرج منها 7 آلاف و782 هكتاراً عن الإنتاج وتبقى 44ألفاً و758 هكتاراً، وتعتبر هذه الخسائر أكبر من المعتاد مقارنة بالمواسم السابقة، حيث بلغت الكميات المسوقة من محصول القمح في الموسم السابق حوالي 71000طن.

وعلى الرغم من انحباس الأمطار والجفاف الذي مرت به المنطقة هذا العام، إلا أنها لم تكن العوامل الوحيدة التي أثّرت في إنتاج هذه الأراضي، ويوضح مدير الهيئة التطويرية في السهل بأن “ارتفاع تكاليف مستلزمات الأسمدة والمحروقات الخاصة بمولدات ضخ المياه أثرت بشكل كبير على ذلك، بالإضافة لارتفاع تكاليف الري بشكل عام وخاصة الري على الآبار الارتوازية التي تعمل بالديزل وانخفاض القدرة المالية لدى المزارعين، وبالتالي انخفاض قدرتهم على تقديم عمليات الخدمة والري للمحاصيل بالشكل الأمثل”.

ويتابع بأن ” تخريب جزء من قنوات الري وعدم صيانتها وتعزيلها منذ فترة طويلة أدى لعدم وصول مياه الري إلى الكثير من المساحات لسقايتها، إضافة لتهجير عدد كبير من الفلاحين من أراضيهم وقراهم من قبل النظام البائد”.

وقد اتخذت هيئة التطوير عدة إجراءات تخفيفية للحد من تلك المشكلة، مثل توزيع مياه الري التي تم اطلاقها من سد الرستن، وبلغت كميتها عشرة ملايين متر مكعب على قنوات الري التي تروي أكبر مساحات مزروعة بمحصول القمح، والقيام بتعزيل وصيانة قنوات الري، والإرشادات المقدمة للمزارعين للتخفيف من آثار الإجهاد المائي على المحصول نتيجة الجفاف.

يقول يوسف، أحد مزارعي سهل الغاب، إن “الوضع الزراعي هذا العام وصل إلى مادون الصفر، لا امطار كافية، ولا حتى آبار صالحة للسحب، الغالبية جفّت أو تحتاج إلى صيانة”.

ويضيف المزارع في حديثه لموقع سوريا الجديدة: “حاولنا زراعة القمح والشعير لكن الإنتاج قليل، بالكاد يغطي تكلفة الزراعة، مضيفاً بأن الحاجة في الدرجة الأولى تقديم دعم للأسمدة والمياه وأجهزة ري بالتنقيط، خاصة مع دخول فصل الصيف”.

حلول إسعافية

بلغت التقديرات الأولية لإنتاج محصول القمح في مجال إشراف هيئة إدارة الغاب 59 ألفاً و82 طناً، وقد سجلت خسارة أولية في إنتاج هذا الموسم وصلت إلى 8890 طن، وهي خسارة كانت متوقع إنتاجها من المساحات التي خرجت من الإنتاج، بحسب مدير الهيئة.

وقامت الهيئة بحصر المساحات المتضررة بشكل دوري ومستمر، واعداد قوائم اسمية للمتضررين ومخاطبة الجهات المعنية بهذه البيانات، مثل مديرية دعم الانتاج الزراعي في وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي، بالإضافة للاستمرار بصيانة قنوات الري والمصارف الزراعية لتقليل الفقد من مياه الري، بالإضافة لتعديل الخطة الزراعية والتخطيط لزراعة القمح في الأراضي التي تتوفر فيها مصادر ري عوضاً عن الأراضي البعلية، لتجنب أية آثار محتملة نتيجة التغير في المناخ.

وتنسق هيئة تطوير الغاب باستمرار مع المنظمات الدولية المعنية بالزراعة والغذاء، لجذب مشاريع تنموية بما يخدم القطاع الزراعي في مجال اشراف الهيئة بشكل عام والمناطق المتضررة بشكل خاص، بحسب عبد العزيز القاسم، ويحتاج المزارعون، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، إلى حلول أكثر واقعية وجدية، مثل إحداث مشاريع لتأهيل شبكات المياه بشكل أكبر، وتوفير خزانات مياه للسقاية بعد جفاف برك التخزين والسقاية، حسبما قال أحد المزارعين.

عودة النازحين تنعش المنطقة؟

وفي إطار الحملات الأهلية والرسمية، يتواصل تدفق النازحين من مناطق الشمال السوري نحو قراهم وبلداتهم في الداخل، وهي محاولة لإنعاش تلك المناطق المنكوبة، فتضرر مساحات واسعة وانخفاض الإنتاجية وخروج مساحات شاسعة من دائرة الإنتاج الزراعي ليس الجفاف وحده المسؤول عنها كما يبدو، بل سياسة التدمير والتخريب الممنهج التي كانت سائدة خلال السنوات الماضية على يد قوات النظام البائد في تلك المناطق، وبالأخص المناطق السهلية التي تشتهر بالزراعة كسهل الغاب وسهول ادلب وحلب وحمص وصولاً الى سهول درعا ودمشق.

وفي منطقة سهل الغاب تأمل المؤسسات الرسمية في المنطقة أن تسهم عودة النازحين والمهجرين الى مناطقهم، برغم دمار عمرانها، سيسهم بالضرورة في تحسين واقع الزراعة، والحاق مساحات كبيرة من الأراضي في دورة الإنتاج، وتعمل المديريات المختصة على تذليل العقبات لتسهيل الإنعاش المفترض، تصلح السدود، وتصلح الآبار لتوفير مياه الشرب، وتزيل السواتر الترابية من بعض المناطق، وتوسع مجرى قنوات الري، وغيرها من الإجراءات التي تهم المزارعين العائدين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist