إنعاش الخدمات في معرة النعمان… مسيرة إعادة الإعمار وتسهيل عودة النازحين

شهدت مدينة معرة النعمان بريف إدلب الشرقي عودة جزئية للنازحين في مخيمات الشمال السوري، بينما تنتظر مئات العائلات دخول فصل الصيف وانتهاء العام الدراسي ليتمكنوا من نقل عائلاتهم نحو مدينتهم المدمرة بشكل شبه كامل، حالها كحال البلدات الواقعة في ريفها الواسع جهتي الجنوب والجنوب الغربي. أما القسم الأكبر من أهالي المدينة، النازحين في المخيمات ليس بمقدورهم العودة في الوقت الحالي بسبب ارتفاع كلفة إعادة ترميم منازلهم، بعضها مدمر يحتاج إزالة كلية والبناء من جديد، وبعض أرباب تلك الأسر لا تخفي آمالها بأن تتحمل الحكومة السورية الجديدة الجزء الأكبر من تكاليف إعادة الإعمال وتسهل عودتهم، حتى وإن طالت.

مبادرات أهلية

نظم أهالي مدينة معرة النعمان مبادرة تطوعية لتنظيف شارع الكورنيش، وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين المظهر العام وتعزيز البيئة النظيفة، وشارك عدد من الأهالي في تنظيف الشوارع، وذلك ضمن جهود مستمرة للحفاظ على البيئة وتعزيز روح التعاون بين أفراد المجتمع. وهذه المبادرة واحدة من مبادرات محلية تهدف بطبيعة الحال إلى تحسين الواقع الخدمي في المدينة وجذب النازحين واقناعهم بالعودة.

وقال مصدر لموقع “سوريا الجديدة” إن ” أعمال ترميم أول مركز صحي في مدينة معرة النعمان قد انطلقت بالفعل، وذلك بهدف إعادة تأهيله لخدمة الأهالي وتوفير الرعاية الصحية الأولية بعد سنوات من التوقف، وتضرره بشكل كبير بفعل القصف الجنوني الذي تعرضت له المدينة أواخر العام 2019 من قبل قوات النظام البائد”.

أضاف المصدر أنه “وبتمويل من صندوق المعرة الخدمي، جرى تجهيز عدد من الطرق الرئيسية في المدينة بهدف تزفيتها، وذلك ضمن خطة خدمية تهدف إلى تحسين الواقع الخدمي وتسهيل حركة التنقل داخل المدينة” وأكد المصدر أن “معظم الطرق الرئيسية داخل المدينة والمؤدية الى الضواحي القريبة متضررة وبحاجة لعمليات إصلاح عاجلة”.

وأوضح المصدر أن “نسبة الضرر في البنى التحتية بمعرة النعمان كبيرة جداً، وبالأخص شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى تضرر أعداد كبيرة من المنازل التي فككت مليشيات النظام البائد أسقف عدد كبير منها، وسرقت النوافذ والأبواب وأسلاك الكهرباء من الجدران، وهذه عوامل تؤخر بالفعل عودة النازحين الذين ليس بإمكانهم دفع تكاليف الترميم، بالإضافة الى غياب الخدمات الأساسية”.

وأشار المصدر إلى أن “النظام البائد ومنذ سيطرته على المدينة أواخر العام 2019 لم يقم بأي عمليات ترميم فعلي، وبقيت خطوات الترميم شكلية وطالت مباني حكومية مثل إدارة المنطقة، وتعبيد طريق رئيسي واحد، وأجرى حينذاك المحافظ الذي كان مقره المؤقت في خان شيخون عدة جولات في المعرة وكانت ترويجية ومخادعة ولا تعكس واقع الحال في المدينة، كان النظام البائد يريد الترويج الإعلامي بأن يقوم بعمليات ترميم في المدن والمناطق التي دخلها بدعم جوي روسي وعلى الأرض بدعم المليشيات التي كانت تدعمها إيران”.

عودة جزئية للنازحين

بدأت مظاهر الحياة تعود بشكل تدريجي إلى مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وذلك بعد سنوات من التهجير القسري لسكانها على يد قوات النظام البائد، على الرغم من حجم الدمار الكبير الذي حل بأحياء المدينة، كما شهد ريف منطقة معرة النعمان في الآونة الأخيرة، عودة لافتة للسكان المهجرين إلى مناطق ومخيمات النزوح في إدلب المحررة، وهي التي نالت الحظ الأوفر من الخراب والدمار على يد قوات النظام البائد، و لوقوعها على طريق عام حلب دمشق، وبالأخص خلال العمليات العسكرية في العام 2019، وأهم البلدات التي شهدت عودة جزئية للنازحين، جرجناز ومعر شمشة ومعر شورين وتل منس والدير الشرقي والدير الغربي وغيرها.

وقالت مصادرة متطابقة في ريف معرة النعمان لموقع “سوريا الجديدة” إن “ حركة عودة النازحين ازدادت إلى منطقة معرة النعمان في الفترة التي تلت عطلة عيد الفطر، وهي الفترة التي مال الطقس فيها نحو الدفء وأصبح في امكان الأهالي العودة والبدء في عمليات الترميم، وبعضهم كان يبني خيمة جانب منزله المدمر الى حين الانتهاء من عمليات الترميم“، وأوضحت المصادر أن “الأسواق في معرة النعمان والبلدات الكبيرة في ريفها بدأت تنتعش مع زيادة أعداد العائدين، لكن هناك تحديثات كبيرة بخصوص كفاية كميات الخبز الذي تخبزه الأفران المتوفرة، ومسألة الخدمات الأساسية كالمياه، وهي خدمات تعرقل عودة الناس”.

مدينة معرة النعمان هي من أكبر مدن محافظة إدلب وتقع على الطريق الرابط بين العاصمة السورية دمشق، وعاصمة الشمال مدينة حلب، وتبعد عن دمشق نحو ثلاثمئة كيلومتر، وعن مدينة حلب نحو ثمانين كيلومترا، وعن مدينة حماة نحو ستين كيلومترا، وتتمتع بموقع إستراتيجي مهم ومناخ لطيف، وكذلك تتميز بريفها الواسع والمتنوع والذي يصل الى سنجار شرقاً والتي تمر منها خط السكة الحديد. كما يتميز ريف المعرة بتربية المواشي وبالزراعة بالأخص الزراعة البعلية، وكان عدد سكان مدينة المعرة يزيد على مئة وخمسين ألف نسمة قبل اندلاع الثورة السورية وتهجير عشرات الآلاف من سكانها، بينما يبلغ عدد سكان منطقة المعرة نحو أربعمئة ألف نسمة في ذلك الوقت (كامل المنطقة ريف ومدينة).

انضمت معرة النعمان مبكرا إلى قطار الثورة في سوريا، وشهدت أول تحرك احتجاجي محدود ضد النظام البائد في 25 مارس/آذار 2011، ومع مطلع شهر يونيو/حزيران، تزايدت وتيرة الاحتجاجات، حيث احتشد آلاف المتظاهرين مطالبين بإسقاط النظام فيما عرف بجمعة العشائر، وواجهتهم قوات النظام البائد في ذلك الوقت بعنف غير مسبوق، وأطلقت عليهم الرصاص الحي، وشاركت خمس مروحيات عسكرية في إطلاق النار على المحتجين من الجو، وأدى إلى سقوط 11 شهيداً من المتظاهرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist