شهد مطار دمشق الدولي عملية تطوير واسعة النطاق بدأت عقب سقوط النظام البائد، وغطت جميع أجزائه بهدف استعادة مكانته كمركز استراتيجي وحيوي في المنطقة، هذا التطوير مهد الطريق لعودة تدريجية لشركات الطيران العربية والدولية، ليشهد المطار الآن حركة مسافرين تصل إلى الآلاف يوميًا.
تحديثات شاملة في البنية التحتية والأجهزة
أكد علاء صلال، مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للطيران السوري، لوكالة سانا أن عمليات إعادة التأهيل شملت صيانة المدارج لضمان سلامة عمليات الإقلاع والهبوط، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الصالة الداخلية بهدف تحسين تجربة المسافرين وتوفير بيئة أكثر راحة.
كما تضمنت هذه الجهود صيانة أنظمة المراقبة والأجهزة الفنية، بما في ذلك التبديل الكامل لـأجهزة فحص الحقائب (الماسحات الضوئية) لتعزيز الأمن والكفاءة، كما جرى تحديث شبكة الاتصال الداخلية ومعالجة الأعطال الجوهرية، خاصة في برج المراقبة، لضمان سير العمليات بكفاءة عالية، إضافة لتجهيز بوابات الطائرات الأرضية و”الفناجر” المخصصة لاستقبال المسافرين لتتوافق مع معايير الخدمة الحديثة وتلبي احتياجات المسافرين بشكل أفضل.
وأضاف صلال أن العمل امتد ليشمل تركيب أجهزة ملاحية جديدة في بداية المدارج، وإعادة تأهيل مدرج “برافو” بالكامل، كما جرت صيانة منظومة الإنارة الملاحية التي تُمكّن الطيارين من الهبوط الآمن في ظروف الطقس الصعبة وغير المستقرة.
وفي خطوة مستقبلية مهمة، كشف صلال أن المطار يستعد قريبًا لتركيب أول رادار حديث بالتعاون مع شركة تركية متخصصة، وذلك ضمن خطة أوسع لتركيب ثلاثة رادارات موزعة جغرافيًا، بهدف تأمين تغطية كاملة للأجواء السورية.
تعزيزات أمنية وزيادة في حركة المسافرين
لتعزيز مستويات الأمن والسلامة، أشار صلال إلى إدخال وحدة “K9” لتفتيش الحقائب باستخدام الكلاب البوليسية المدربة. ورغم أن هذه الخطوة لا تُعد إلزامية دوليًا، إلا أنها اتُّخذت لضمان سلامة الرحلات القادمة والمغادرة من وإلى سوريا، خاصة في ظل ظروف ما بعد الحرب.
ويشهد مطار دمشق الدولي حاليًا تشغيلًا يوميًا نشطًا، يتراوح بين 22 و 25 رحلة، بمعدل يتراوح بين 3500 و 4000 مسافر يوميًا. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد مع دخول شركات جديدة للخدمة. تعمل حاليًا 10 شركات طيران بشكل منتظم، منها شركات عربية وأخرى أجنبية تُسير رحلاتها من عواصم أوروبية إلى مطار دمشق. ويتوقع انضمام ثلاث شركات إضافية خلال الأيام القادمة، أبرزها طيران الإمارات وطيران العربية.
انفتاح على الاستثمار الخاص وتدريب الكوادر
شدد صلال على أن هيئة الطيران المدني منفتحة على فتح باب الاستثمار أمام القطاع الخاص، معترفًا بأن القطاع العام لا يستطيع الاضطلاع بهذه المهمة منفردًا في الوقت الراهن بسبب ضعف الإمكانيات، مضيفًا أن هذه الرؤية التشاركية تهدف إلى جمع الجهود بين القطاعين العام والخاص للوصول بمستوى الخدمات إلى ما يليق بمكانة سوريا الإقليمية.
وفي جانب التدريب، تعمل هيئة الطيران المدني على إعادة تأهيل مركز التدريب التابع لها، حيث تُنظم دورات تدريبية مستمرة بإشراف مدربين معتمدين من منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، لضمان تأهيل كوادر مؤهلة.
واختتم صلال حديثه بالتأكيد على أن الهيئة تتابع عن كثب جميع الملاحظات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، التي تُنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي حول المطار، وأشار إلى أن العمل يجري على مدار الساعة لتحسين خدمات المطار وإظهاره بأفضل صورة، مؤكدًا أن هذه العملية بحاجة إلى وقت وإمكانيات كبيرة بعد سنوات الفساد والإهمال التي شهدها المطار خلال فترة النظام السابق، وصولًا إلى بناء بيئة عمل حضارية في أحد أهم المرافق الحيوية في سوريا.
وكان رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري، أشهد الصليبي، كشف عن وجود دراسة جدية لإنشاء مطار جديد آخر في دمشق، ومشروع لإنشاء مطار جديد في حلب، إضافة لإنشاء مطار دولي جديد في المنطقة الوسطى، ليكون بوابة استراتيجية تربط الداخل بالخارج.