قال البنك الدولي، في تقرير جديد نشره، اليوم الإثنين، إنه من المتوقع أن يسجل الاقتصاد السوري نموًا طفيفًا بنسبة 1% في عام 2025، بعد تسجيله انكماشًا بنسبة 1.5% خلال العام الماضي، في ظل استمرار أزمات السيولة والتحديات الأمنية وتعليق المساعدات الخارجية.
وأوضح التقرير أن تحسن الوضع الاقتصادي ما يزال “محدودًا” رغم تخفيف بعض العقوبات، بسبب استمرار تجميد الأصول الخارجية، وتقييد الوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية، مما يؤثر سلبًا على واردات الطاقة والمساعدات الخارجية، ويقيد حركة التجارة والاستثمار.
وسلط التقرير الضوء على التدهور العميق الذي لحق بالاقتصاد السوري خلال أكثر من عقد، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% مقارنة بعام 2010، بينما انخفض نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي إلى نحو “830 دولارًا في عام 2024″، أي ما دون مستوى الدول منخفضة الدخل.
وبحسب التقرير، فإن التقديرات تشير إلى أن نحو 25% من السكان “يعيشون في فقر مدقع”، بينما يعيش ثلثا السكان تحت خط الفقر، بالإضافة إلى أزمة السيولة الحادة التي تواجهها البلاد نتيجة نقص النقد الورقي والاضطرابات في تداول العملة المحلية، وارتفاع النشاط الاقتصادي غير الرسمي والأنشطة غير المشروعة منذ عام 2011.
وقال المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، إن البيانات الاقتصادية المتعلقة بسوريا “نادرة وصعبة المنال”، مضيفًا إلى أن الهدف من هذا التقرير “سد الفجوة المعلوماتية، وتوفير أرضية للنقاش حول السياسات المطلوبة لإنعاش الاقتصاد وتحقيق التعافي”.
إجراءات حكومية لتوحيد السياسة الاقتصادية
يرصد التقرير إجراءات اتخذتها الحكومة السورية في الآونة الأخيرة لتوحيد السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، مع التركيز على تحسين الحوكمة والإدارة المالية، كما يشير إلى جهود جذب الاستثمارات الدولية وتأمين الدعم الخارجي لإعادة بناء الاقتصاد.
وقال وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، إن “سوريا تمتلك إمكانات كبيرة وفرصًا واسعة في مختلف القطاعات”، مشيرًا إلى التزام الحكومة بالمضي في تنفيذ إصلاحات تهدف إلى تحقيق “نتائج ملموسة”، مؤكدًا أهمية البيانات والتحليلات الواردة في التقرير لدعم السياسات المبنية على الأدلة.
ويحذر التقرير من أن الآفاق الاقتصادية لسوريا “تبقى عرضة لمخاطر كبيرة”، خصوصًا على صعيد الأمن واستيراد النفط، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود وتفاقم التضخم.
ويشير التقرير إلى هناك “فرص محتملة لتحسين الوضع”، منها التوصل إلى تفاهمات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية لإدارة الموارد، إلى جانب دعم إقليمي متزايد وتخفيف العقوبات، وهي عوامل قد تسهم في تحفيز النمو الاقتصادي في المدى المتوسط، خصوصًا مع زيادة أعداد العائدين من اللاجئين والنازحين داخليًا.