توماس باراك: واشنطن ترفض الفيدرالية وسوريا تسير بسرعة لاغتنام الفرصة

أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن سوريا بدأت تتحرك بسرعة للاستفادة من ما وصفها بـ”الفرصة التاريخية” بعد رفع العقوبات الأمريكية، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، تحرز تقدمًا لافتًا في عدة ملفات داخلية وخارجية.

وقال باراك، في تصريحات نشرها على منصة “إكس”، إن سوريا تشهد “حراكًا سريعًا نحو الانفتاح الدبلوماسي، واستقطاب استثمارات من تركيا ودول الخليج، إضافة إلى رؤية أوضح للمستقبل”، معتبرًا أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برفع العقوبات “كان خطوة شاملة وليست تدريجية” من أجل إتاحة فرصة حقيقية للنظام الجديد “لإعادة الإعمار”.

وشدد المبعوث الأمريكي على أن الولايات المتحدة تدعم “انتقالًا منظّمًا وبطيئًا نحو دولة سورية موحدة وذات سيادة، دون كيانات منفصلة أو ميليشيات طائفية”، مؤكدًا في الوقت ذاته رفض بلاده لأي نموذج فيدرالي داخل سوريا.

واشنطن لم تتدخل بإسقاط النظام البائد

وفي لقاء مع صحفيين في مركز الصحافة الأجنبية في نيويورك، قال المبعوث الأمريكي إن بلاده “لم تتدخل لإسقاط النظام السابق، بل وجدت نفسها أمام واقع سياسي جديد تمثل بصعود حكومة الشرع”، موضحًا أن واشنطن ترى هذه المرحلة فرصة “لإعادة تشكيل الدولة السورية” ضمن إطار أكثر شمولًا وعدالة.

وأشار باراك إلى أن الحكومة السورية الجديدة “أثبتت حضورها في إدلب وصعدت إلى دمشق بشكل غير متوقع”، مضيفًا أن واشنطن تعتمد حاليًا ما أسماه “الخطة أ”، والتي تقوم على دعم حذر لمسار سياسي جديد داخل سوريا.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع لبنان، أكد المبعوث الأمريكي أن تصريحاته السابقة بشأن “عودة لبنان إلى بلاد الشام” قد فهمت “بشكل خاطئ”، مشددًا على أن “قادة سوريا يسعون إلى التعايش والازدهار المشترك مع لبنان”، وأن بلاده ملتزمة بدعم علاقة قائمة على السيادة المتبادلة بين الدولتين.

رفض الفيدرالية ودعم الحوار الداخلي

وفي رده على سؤال حول مستقبل “قوات سوريا الديمقراطية”، قال باراك إن واشنطن تعتبر “قسد” شريكًا رئيسيًا في الحرب على تنظيم “داعش”، لكنها لا تدعم إقامة كيان مستقل لها داخل سوريا، مضيفًا أن بلاده تثّمن دورهم “لكننا لا نقر لهم بدولة داخل الدولة”.

وأوضح باراك أن الاتفاق لدمج “قسد” في الحكومة السورية الجديدة تعثّر بسبب غياب التفاصيل التنفيذية، وأن الجهود مستمرة للوصول إلى صيغة متفق عليها تضمن اندماجًا تدريجيًا ضمن الجيش السوري الموحد.

وشدّد على أن الإدارة الأمريكية “لا تفرض نماذج جاهزة”، بل تسعى إلى تسهيل الحوار بين مختلف المكونات السورية، مضيفًا: “نمنح الدعم، لكن القرار النهائي حول شكل الدولة ومؤسساتها يجب أن يكون سوريًا خالصًا”.

العلاقات الإقليمية والتطبيع

وفي سياق حديثه عن العلاقات الإقليمية، اعتبر باراك أن سوريا تمثل محورًا أساسيًا في خريطة جديدة للمنطقة، مشيرًا إلى أن الانفتاح على “اتفاقيات أبراهام” يشكل إحدى الركائز الخمس التي حددها وزير الخارجية ماركو روبيو لدعم الحكومة السورية الجديدة، موضحًا أن هذا الانفتاح “لا يعني التوقيع الفوري”، بل التوجه السياسي نحو التقارب مع “إسرائيل ودول الجوار”.

ونقل عن الرئيس السوري أحمد الشرع تصريحات علنية قال فيها إنه مستعد للحوار بشأن القضايا العالقة، معتبرًا ذلك تحولًا لافتًا في الخطاب السياسي الرسمي.

كما أشار إلى أن تركيا ستكون شريكًا رئيسيًا في المسار المقبل، بالنظر إلى علاقتها بالمجتمعات السورية وموقعها الجغرافي، متوقعًا أن يسهم فتح الحدود مع سوريا في تحقيق “تأثير اقتصادي واجتماعي واسع النطاق” في المنطقة.

وفيما يخص ملف العقوبات، أكد باراك أن رفعها لم يكن تدريجيًا بل شاملاً، مضيفًا أن “العقوبات يمكن أن تُعاد إذا حصلت انتكاسة كبيرة”، كما كشف عن جهود تبذلها الولايات المتحدة لرفع بعض القيود المفروضة أمميًا، بما يشمل “هيئة تحرير الشام” وقياديين في الحكومة السورية الجديدة، وسط تحفظات من بعض أعضاء مجلس الأمن.

واختتم باراك بالتأكيد على أن الولايات المتحدة لن تكون “الضامن الأمني للعالم”، بل “شريكًا مساعدًا”، وأن مستقبل سوريا يجب أن يُبنى داخليًا عبر توافق وطني حقيقي بين جميع مكوناتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist