رفضت الحكومة العراقية طلبًا رسميًا تقدّمت به دمشق لتعاون أمني واستخباراتي مشترك، بهدف ملاحقة “فلول النظام السابق” المقيمين داخل الأراضي العراقية.
ونقلت إذاعة مونت كارلو الدولية، عن ما أسمتها “مصادر داخل ائتلاف السيادة السني”، أن الجانب السوري أبدى قلقًا متزايدًا من تحركات عناصر أمنية وعسكرية من بقايا النظام السابق داخل العراق، وقالت إن بعض هؤلاء “يحظون بدعم وحماية من فصائل عراقية”، تقدم لهم التدريب والتمويل، وحتى السلاح، بحسب مزاعم دمشق.
وبحسب الإذاعة، فإن الطلب السوري حظي بدعم من عدة أطراف إقليمية ودولية، من بينها تركيا، السعودية، والولايات المتحدة، والتي مارست ضغوطًا على بغداد للموافقة على التعاون الأمني مع دمشق. إلا أن الطلب قوبل بالرفض من السلطات العراقية لأسباب متعددة.
وأوضحت مونت كارلو أن رئيس جهاز المخابرات العراقي، حميد الشطري، وهو المسؤول عن التواصل مع القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، زار دمشق مرتين وبحث إنشاء الخلية الأمنية. وعلى الرغم من انفتاحه الشخصي على الفكرة، إلا أن المشروع لم يحصل على الضوء الأخضر من الحكومة العراقية.
وتعود أسباب الرفض، وفقًا لمصادر الإذاعة، إلى “تحفظات الفصائل العراقية والإطار التنسيقي داخل الحكومة”، والتي تمارس تأثيرًا مباشرًا على قرارات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتعارض الانفتاح على دمشق في هذا الملف.
وتضيف مصادر الإذاعة إلى “قلق بعض الأجهزة الأمنية العراقية”، وعلى رأسها مستشارية الأمن القومي، من أن يؤدي توقيع الاتفاق إلى مطالب سورية لاحقة بتسليم شخصيات معارضة أو مطلوبة.
وتضيف بأن الاعتبارات الإقليمية والدولية، حيث تعارض كل من إيران وروسيا هذا النوع من التعاون الثنائي بين بغداد ودمشق، يعد واحدًا من أسباب الرفض، وهو ما يضع الحكومة العراقية في موقف دبلوماسي معقد.
يأتي هذا التباين في المواقف بشأن التعاون الأمني بين البلدين، في وقت تشهد فيه العلاقات بين بغداد ودمشق مسارًا دبلوماسيًا “أكثر انفتاحًا”، لا سيما بعد توجيه رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية التي استضافتها بغداد في أيار/ مايو الماضي، في خطوة اعتُبرت مؤشرًا على رغبة العراق في “تعزيز حضوره العربي ودعم مسار الاستقرار الإقليمي”.
وشدد السوداني على أن العراق لا ينحاز “لأي محور”، وأن العلاقة مع سوريا تقوم على سياسة “التوازن والدعم المتبادل”، مع الإشارة إلى أن أمن سوريا جزء “لا يتجزأ من الأمن القومي العراقي”.