أعلنت مصادر حكومية رسمية، اليوم الإثنين، اقتراب قوات الأمن والجيش السوري من مركز مدينة السويداء، لبسط الأمن وإنهاء الاشتباكات في المحافظة.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا للإخبارية السورية، إن الأمن والجيش اقتربا من مركز محافظة السويداء، مشيرًا إلى أن قوات الحكومة السورية كانت قادرة على حسم المعارك منذ ساعات الصباح الأولى غير أن الحرص على أرواح الأبرياء والمدنيين أخر ذلك.
وفي توقيت متزامن، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسن عبد الغني: “خلال تنفيذ وحدات الجيش لمهامها الوطنية في فض النزاع وبسط الاستقرار، تعرّضت نقاطها العسكرية لهجمات غادرة من مجموعة مسلحة خارجة عن القانون، ما أسفر عن ارتقاء 18 من جنودنا شهداء، وإصابة عدد آخر بجروح”.
وأضاف في تسجيل مصور، أنه تم الدفع بتعزيزات عسكرية وأمنية إلى المنطقة، بهدف فض الاشتباكات والسيطرة على الوضع، بالتوازي مع استمرار قنوات التواصل والتنسيق مع وجهاء المحافظة وأهلها الكرام.
وفي الأثناء، نفذت إسرائيل غارات جوية تحذيرية على مقربة من انتشار قوات الأمن والجيش السوري في السويداء لمنع تقدمها إلى مركز المدينة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي: “قصفنا أهدافًا في سوريا كرسالة وتحذير واضح للنظام السوري”، على حد تعبيره
وأضاف أنهم لن يسمحوا بالمساس بالدروز في سوريا، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي، حيال ذلك.
بيان غير واضح
وفي وقت لاحق أصدرت الرئاسة الروحية للموحدين الدروز في السويداء بيانًا قالت فيه إنها لن تقبل بدخول ما أسمتها فصائل تكفيرية أو منفلتة أو خارجة عن القانون، إلى مدينة السويداء، مشيرًة إلى أنها مع القانون وسيادة الدولة النظامية والقانونية.
وأضافوا أنهم لا يمانعون بتنظيم المحافظة وترتيب أسسها وشرطتها من أبنائها ومن الشرفاء.
غير أن البيان لم يوضح ما المقصود بفصائل تكفيرية أو خارجة عن القانون إذ أن هناك صفحات وأصوات من السويداء تنسب أولئك لقوات الأمن والجيش.
كما يأتي البيان الجديد للرئاسة الروحية لدروز السويداء عقب ساعات، فقط من بيان سابق أكدت فيه على طلب الحماية الدولية وبشكل فوري، ورفض دخول أي جهات إلى السويداء كالأمن العام والهيئة، في إشارة إلى وزارة الداخلية والجيش.
ميدانيًا
أكد مراسل وكالة سوريا الجديدة أن قوات الأمن والجيش السوري، أصبحت على تخوم مدينة السويداء بعد اشتباكات مع مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون، في وقتٍ تواصل فيه التعزيزات العسكرية للقوات الحكومية الوصول إلى المنطقة من عدة محاور.
وأضاف أن القوات الحكومية سيطرت على كل من بلدة المزرعة وقرية الدور، كما انتشرت في قرى وبلدات محيطة بمدينة السويداء.
وحتى الآن، لا يوجد إحصائية رسمية دقيقة لحصيلة القتلى والجرحى من مختلف الأطراف، غير أن التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى تجاوز الخمسين بين جميع الأطراف والجرحى تجاوز المئة بينهم مدنيون.
من يقف وراء الاشتباكات؟
وأمس الأحد اندلعت اشتباكات دامية، بين مجموعات محلية ومسلحين من بعض العشائر، قالت وزارة الداخلية السورية إن الاشتباكات الجديدة وقعت “على خلفية توترات متراكمة خلال الفترات السابقة”.
في حين ذكرت صفحات محلية في السويداء وبعض الشخصيات المعروفة بالمحافظة كماهر شرف الدين، أن الاشتباكات اندلعت بعد اعتداء تعرّض له السائق فضل الله دوارة أثناء عودته بسيارة خضار في وقت متأخر إلى السويداء في المنطقة الواقعة بين خربة الشايب والفيلق الأول بريف دمشق، وبحسب رواية دوارة لأقاربه فإن سيارته سُلبت بما فيها، إضافة إلى مبلغ 7 ملايين ليرة (نحو 695 دولارا).
تلا ذلك، مهاجمة مسلحين دروز حي المقوس شرقي السويداء الذي تقطنه عشائر بدوية، لتحرير نحو 10 دروز احتجزهم أفراد من العشائر منذ صباح أمس الأحد، ردًا على احتجاز مسلحين دروز عددًا من أبناء العشائر في التوقيت ذاته أيضًا.
تدخل الأمن والجيش
واليوم الإثنين، أعلنت وزارتا الداخلية والدفاع في الحكومة السورية، بدء تدخل وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي في مناطق النزاع داخل المحافظة، بهدف “فض الاشتباكات، وفرض الأمن، وتأمين ممرات آمنة للمدنيين”، وأكدتا عزمهما على ملاحقة المتسببين بالأحداث وإحالتهم إلى القضاء، مشددتين على أن “استمرار التصعيد لا يخدم سوى الفوضى ويزيد من معاناة المدنيين”.
وفي أول تعليق له، قال وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، في منشور له على منصة “إكس”، إن “غياب مؤسسات الدولة، وخصوصًا العسكرية والأمنية، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة”.
وأضاف “خطاب” أن الحل الوحيد لضبط الأوضاع في المحافظة هو “بفرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات بما يضمن السلم الأهلي”، بالإضافة لعودة الحياة إلى طبيعتها “بكل تفاصيلها”.
وأكد مسؤولون في وزارة الدفاع والداخلية على الالتزام الكامل بالواجب الوطني وحماية جميع المدنيين”.
مواقف أطراف من السويداء
من جهتها، دعت حركة رجال الكرامة إلى حماية السلم الأهلي، معلنة النفير العام، لكنها شددت على أن هذا النفير “ليس للانتقام بل لمنع الفتنة”، محمّلة السلطات المركزية والمحلية المسؤولية عن تصاعد العنف نتيجة غياب الحماية الأمنية للطرق الحيوية بين دمشق والسويداء، وتكرار الانتهاكات بحق المدنيين.
بدوره دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حمود الحناوي، إلى تدخل الحكماء والعقلاء “لوقف نزيف الدم”، فيما أكد محافظ السويداء مصطفى البكور أن “يد الدولة ممدودة لكل من يسعى للإصلاح وبناء دولة قوية تكفل الحقوق وتحمي السلم الأهلي”.