“ثمار بلا جدوى”.. موسم التفاح يخذل مزارعي ريف حمص وسط أزمة اقتصادية ومناخية

يشهد ريف حمص الغربي هذا العام تراجعًا حادًا في إنتاج محصول التفاح، بنسبة انخفاض تصل إلى نحو 35% مقارنة بالسنوات الماضية. يأتي هذا الانكماش في ظل ظروف مناخية قاسية وتحديات اقتصادية متصاعدة، مما يهدد مستقبل أحد أهم المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها المزارعون في المنطقة.

تراجع الإنتاج وتكاليف باهظة

يُعزى هذا التراجع الكبير إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها الارتفاع غير المسبوق في تكاليف الإنتاج، التي تشمل أسعار الأسمدة والمبيدات، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الأيدي العاملة وتكاليف النقل. ولم تسلم المحاصيل من تأثيرات المناخ القاسي، حيث ساهمت موجات الصقيع وقلة الهطولات المطرية في تدهور الإنتاج، رغم تسجيل تحسن نسبي في جودة الثمار مقارنة بالموسم الماضي.

أصناف تاريخية مهددة

أوضح المهندس إياد كفا، مدير الإرشاد الزراعي في قرية رباح – إحدى أبرز مناطق زراعة التفاح في الريف الغربي بمساحة تقدر بنحو 7146 دونمًا – أن المزارعين يواجهون صعوبات جمة في زراعة الأصناف التقليدية مثل “ستاركن” و”غولدن”، هذا الواقع دفع بعضهم للتحول نحو أصناف مبكرة ذات تكلفة عناية أقل.

وأشار كفا إلى أن عمل الإرشاد الزراعي يركز على التوجيه الفني، لكن تراجع الهطولات المطرية وضعف التسويق خلفا آثارًا اقتصادية وخيمة.

وشدد على ضرورة فتح أسواق تصدير خارجية وتوفير دعم حكومي للأسمدة والمبيدات، بالإضافة إلى دعم الكهرباء للبرادات الزراعية، لا سيما خلال أشهر التخزين الأساسية (أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني).

المزارعون: “نخسر رغم الجهد”

من جهته، وصف المزارع جورج فرح الوضع بالخاسر، مؤكدًا أن الموسم تراجع تدريجيًا على مدار السنوات الخمس الماضية، ولم يعد يغطي حتى الحد الأدنى من التكاليف. وقال فرح: “صندوق التفاح (18 كغ) يُباع بـ40 ألف ليرة سورية فقط، في حين أن أجرة العامل اليومية لا تقل عن 50 ألفًا. نخسر في كل موسم، والتجار يشترون من البستان بأسعار زهيدة دون رقابة من أي جهة مسؤولة”.

أما المزارع حرب برشيني، الذي يمتلك بستان تفاح يضم 500 شجرة ورثها عن والده وتجاوز عمرها 50 عامًا، فيروي معاناته من قلة الإنتاج منذ خمس سنوات، مؤكدًا أنه لم يعد قادرًا على رعايتها. وأضاف برشيني بأسى: “لم يعد أمامي خيار سوى اقتلاع هذه الأشجار التاريخية، والاتجاه إلى زراعة أصناف أخرى أقل تكلفة مثل اللوز والزيتون. شجرة التفاح أصبحت مهددة بالانقراض في المنطقة، حيث تراجعت نسبة زراعتها من 100% إلى نحو 50% فقط.”

مستقبل مجهول لقطاع حيوي

ينذر التراجع المستمر لموسم التفاح في ريف حمص الغربي بتغيرات جذرية في البنية الزراعية للمناطق الجبلية، مع عزوف المزارعين عن زراعة هذا المحصول الحيوي وتوجههم نحو بدائل أقل كلفة. وفي ظل غياب الدعم الحكومي والتسويق الفعال، تبقى شجرة التفاح، التي كانت مصدر دخل رئيسيًا، معلقة بين ماضيها المجيد ومستقبلها المجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist