تصعيد إسرائيلي بريف دمشق والقنيطرة.. هل فشلت مباحثات باريس؟

كثفت إسرائيل من توغلاتها ومن اعتداءاتها على مناطق بريف دمشق والقنيطرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، بشكل مغاير لما هو متوقع خاصة بعد مباحثات باريس المباشرة مع الحكومة السورية.

وفي 19 آب الجاري، التقى في باريس بوساطة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك وزيرا الخارجية السوري أسعد الشيباني والأمن الاستراتيجي الإسرائيلي رون دريمر، لبحث عدد من الملفات أهمهما خفض التوترات في الجنوب السوري بحسب سانا.

مباحثات باريس

وقالت الوكالة الرسمية إن النقاشات تركزت حول خفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، والتوصل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وإعادة تفعيل اتفاق 1974.

لكن ما جرى بعد ذلك لا يعكس فحوى أو مضمون ما تم النقاش بشأنه، في مباحثات باريس المباشرة، حيث توغلت إسرائيل أمس في بلدة بيت جن بريف دمشق واعتقلت 6 أشخاص، كما قصفت اليوم منزلًا بقرية قطرنجة في القنيطرة، وقتلت شخصًا كان بداخله.

المباحثات مقابل رفع العقوبات

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي دوريش خليفة أن موضوع مباحثات الحكومة السورية مع إسرائيل هي من ضمن سياسة الحوافز الأمريكية مع سوريا، بمعنى أنه إذا أرادت الحكومة السورية رفع العقوبات أو جزء منها ينبغي عليها الجلوس مع الجانب الإسرائيلي.

ويرى خليفة في تصريح خاص لوكالة سوريا الجديدة، أن السلطات السورية ليس بإمكانها أن تعارض أمريكا ممثلة بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، لأن بيتها الداخلي غير مستقر فهناك خلافات مع قسد والدروز والعلويين، ويمكن القول إن هناك 4 محافظات خارج سيطرتها.

وإذا ما ضغطت أمريكا- والكلام لخليفة- باتجاه اللامركزية الآن أو أي نظام غير مركزي فقد تصل سوريا إلى نتائج لا تحمد عقاباها في ظل انقسام حاد بين السوريين بعد سنوات من الصراع المسلح.

وكانت الحكومة السورية عبرت أمس عن غضبها من استمرار التوغلات الإسرائيلية وذكرت في بيان أن إسرائيل أرسلت 60 جنديا للاستيلاء على منطقة داخل الحدود السورية حول جبل الشيخ قائلة إن العملية تنتهك سيادتها وتشكل تهديدا جديدا للأمن الإقليمي.

مصادر المياه والطاقة

غير أن الجيش الإسرائيلي رد – بحسب رويترز– أن ما قام به هو نشاط روتيني ولم يستولي على أراضي ولكنه احتجز شخصا لاستجوابه بعد تحديد بعض المشتبه بهم وهم يقتربون من المنطقة بطريقة اعتبرها مصدرا لتهديد قواته.

فالمنطقة بحسب الجيش الإسرائيلي معروفة بتهريب الأسلحة من قبل جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران وفصائل فلسطينية.

ويعلق خليفة على هذه النقطة بقوله إن إسرائيل تحاول أن تظهر للعالم أن لديها بنك أهداف بشري في المنطقة، ففي السابق كان لديها مئة شخصية سيتم اعتقالهم واليوم ربما وصل بنك أهدافها لألف.

ويعتقد أن السبب الرئيسي ليس ما تدعيه إسرائيل حول الارتباط مع حزب الله وإيران، وإنما تريد أن تفرغ المنطقة من الكوادر الشبابية القادرة على حمل السلاح ومجابهة أطماعها التوسعية في المنطقة الجنوبية، الممتدة من الحدود الإسرائيلية السورية حتى ريف دمشق الغربي عند الكسوة.

وليس هذا فحسب، فإسرائيل كما يرى خليفة تريد أن تسيطر على منابع المياه في المنطقة الجنوبية لسوريا والشمالية للأردن، لذلك فهي تسعى للسيطرة العسكرية من جبل الشيخ إلى حوض اليرموك حيث سد الوحدة الذي يروي سهل حوران ومحافظات شمال الأردن.

إضافة إلى كل ذلك، فإن إسرائيل تسعى إلى الوصول إلى مصادر الطاقة عبر مشروع ممر داوود، الذي يتحدث عنه الإعلام الإسرائيلي فهو يمر من المنطقة الجنوبية لسوريا والبادية وصولا إلى المنطقة الشرقية حيث منابع النفط والغاز.

وهذه الطموحات الإسرائيلية – بحسب خليفه- ستسعى دائما إلى تحقيقها سواء بالقوة الخشنة أو حتى المفاوضات.

إعلام إسرائيلي: اتفاقية أمنية بـ4 بنود

وتتقاطع رؤية خليفة إلى حد ما مع ما ذكرته قناة أي 24 الإسرائيلية الناطقة بالعربي، حول الاتفاقية الأمنية التي تريدها إسرائيل مع سوريا.

وتتألف الاتفاقية من 4 نفاط رئيسة، وهي نزع السلاح من مرتفعات الجولان السورية- من دمشق حتى السويداء.

والنقطة الثانية هي منع تركيا من إعادة بناء الجيش السوري، والثالثة حظر نشر أسلحة استراتيجية في الأراضي السورية – بما في ذلك الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، وذلك للحفاظ على حرية العمل والتفوق الجوي لسلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة.

وأما النقطة الرابعة فهي ممر إنساني حتى جبل العرب في منطقة السويداء، في مقابل وعود للحكومة السورية بإعادة إعمار البلاد بمساعدة أمريكية وخليجية.

الموقف السوري

لكن الرئيس السوري أحمد الشرع أكد أن أولوية حكومته هي العودة لاتفاق فك الاشتباك عام 1974 أو شيء مشابه، أي ضبط الوضع الأمني في جنوب سوريا بإشراف دولي.

واستبعد حتى فكرة التطبيع مع إسرائيل ضمن ما يسمى “الاتفاقات الإبراهيمية”.

وقال لمجلة “المجلة” إنه لا يمكن نسخ تجربة “الاتفاقات الإبراهيمية” لأن الظروف بين إسرائيل وسوريا تختلف عن الدول العربية الأخرى التي ليس لها حدود مع إسرائيل كما أنه لدينا الجولان أرض محتلة.

كما نفت الحكومة السورية في وقت سابق وجود أي ممر إنساني من خارج الحدود السورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist