هيومن رايتس ووتش: القوات الإسرائيلية هجرت قسرًا سكان قرى تحتلها في الجنوب السوري

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير صدر اليوم، إن القوات الإسرائيلية، التي توغلت في أجزاء من جنوب سوريا منذ سقوط النظام السابق، ارتكبت سلسلة من الانتهاكات بحق السكان، أبرزها التهجير القسري الذي يصنف جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

وذكرت المنظمة في تقريرها أنها “وثّقت مصادرة منازل وهدمها”، بالإضافة لتجريف مساحات زراعية وحرمان السكان من مصادر رزقهم، فضلًا عن نقل محتجزين سوريين بشكل غير قانوني إلى داخل الأراضي المحتلة، حيث يُحتجزون دون تهم وبمعزل عن العالم الخارجي.

حرمان السكان من العودة

أشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن إسرائيل أنشأت “9 مواقع عسكرية جديدة” بين جبل حرمون ومدينة القنيطرة وأجزاء من ريف درعا، مؤكدة أن صور الأقمار الصناعية تظهر عمليات تجريف واسعة للأراضي وبناء منشآت ثابتة.

وقالت المنظمة إن ذلك يتعارض مع التزامات إسرائيل كقوة محتلة، ويجعل عودة المهجّرين في المدى القريب شبه مستحيلة.

وأقدمت القوات الإسرائيلية على هدم ما لا يقل عن “12 مبنى” في يونيو/حزيران الماضي، ما أدى إلى تهجير ثماني عائلات في قرية الحميدية، الواقعة على خط الفصل مع الجولان المحتل.

وشهد السكان، بحسب تقرير المنظمة، على اقتحام الجنود لمنازلهم تحت تهديد السلاح، ومنعهم من أخذ متعلقاتهم الشخصية، في غياب أي خطط إجلاء أو تدابير لحمايتهم.

كما أكدت شهادات سكان قرية “جباتا الخشب” بريف القنيطرة، بالإضافة لصور الأقمار الصناعية، تجريف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والمراعي، وتدمير جزء كبير من غابة عمرها أكثر من قرن.

وأفاد الأهالي بأن حرمانهم من الوصول إلى أراضيهم أدى إلى خسارة كبيرة في مصادر دخلهم، واضطر بعضهم إلى بيع مواشيهم، وفق ما أشار إليه التقرير.

اعتقالات ونقل غير قانوني إلى إسرائيل

ووثقت المنظمة اعتقال 7 رجال من بلدة بيت جن بريف دمشق في يونيو/حزيران الماضي، خلال عملية عسكرية إسرائيلية استخدمت فيها القوات “كلابًا بوليسية وذخيرة حية”، كما قتلت رجل يعاني إعاقة ذهنية خلال المداهمة، ولا يزال السبعة محتجزين في “إسرائيل” دون محاكمة أو تواصل مع عائلاتهم.

كما نقلت القوات الإسرائيلية طفلًا يبلغ “17 عامًا” من جباتا الخشب في أبريل/نيسان عام 2024 إلى سجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة، حيث يخضع للاعتقال الإداري.

وقالت المنظمة إن هذا الإجراء “ينتهك اتفاقية حقوق الطفل”، التي تنص على أن احتجاز القاصرين يجب أن يكون “الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة”.

وقالت هبة زيادين، باحثة أولى في شؤون سوريا بالمنظمة، إن ما نشهده في جنوب سوريا “جزء من النمط الأوسع الذي تنتهجه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، حيث تجرد السكان من حقوقهم الأساسية دون أي مبررات عسكرية مشروعة، مضيفةً أن “تقاعس المجتمع الدولي عن التحرك يترك السكان المدنيين عرضة لمزيد من الانتهاكات”.

رد إسرائيلي

في رد خطي على استفسارات المنظمة، قال الجيش الإسرائيلي إن عملياته تهدف إلى “حماية مواطني إسرائيل” وأنها “تتوافق مع القانون الدولي”، مؤكدًا، بحسب ما نقلته المنظمة، أن عمليات الهدم والاعتقالات استندت إلى “ضرورات عملياتية” ومراجعة قضائية، غير أن هيومن رايتس ووتش اعتبرت أن الأدلة التي جمعتها من شهادات وصور أقمار صناعية تثبت أن الإجراءات “لم تكن مرتبطة بقتال فعلي”، وإنما بترسيخ وجود عسكري دائم.

وأكدت المنظمة أن القانون الدولي يحظر التهجير القسري ونقل المحتجزين خارج الأراضي المحتلة وتدمير الممتلكات المدنية ما لم يكن ذلك ضروريًا للغاية للعمليات العسكرية المباشرة.

ودعت الحكومات إلى تعليق أي دعم عسكري لإسرائيل يمكن أن يُستخدم في تسهيل هذه الانتهاكات، وفرض عقوبات محددة على المسؤولين الضالعين فيها، إضافة إلى دعم المساءلة عبر المحكمة الجنائية الدولية والولاية القضائية العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist