تحدث الرئيس السوري أحمد الشرع، في مقابلة له عبر قناة “الإخبارية“، الجمعة 12 أيلول/سبتمبر، عن أبرز التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد، إضافةً إلى المفاوضات الجارية مع أطراف داخلية وخارجية، والعلاقات الإقليمية والدولية في المرحلة الراهنة.
وأكد الشرع أن أي سلطة “لديها مهمتان أساسيتان وهي حماية الناس والسعي في أرزاقهم”، موضحًا أن الحكومة السورية تعمل حاليًا على إصلاح المنظومتين القضائية والتعليمية باعتبارهما “أساسًا لتطوير الاقتصاد والموارد البشرية”.
وأشار إلى أن سوريا استقبلت خلال الأشهر التسعة الماضية نحو “1150 خطًا إنتاجيًا جديًدا”، إضافةً إلى إعادة تشغيل عدد من المعامل المتوقفة، مؤكدًا أن هذه الخطوات تأتي ضمن خطة أوسع لبناء بيئة اقتصادية مستقرة.
صندوق التنمية والاستثمار
وقال الرئيس السوري إن صندوق التنمية يشكل “علاجًا مباشرًا لموضوع المخيمات والنازحين”، حيث يركز على إعادة بناء البنية التحتية للقرى والبلدات المهدمة، إلى جانب توفير قروض حسنة للمزارعين لزيادة الإنتاج، موضحًا أن مشروع إعادة الإعمار سيكون “منهج عمل طويل الأمد يبدأ بالمتاح وحسب الأولويات”.
وشدد الشرع على أن سوريا “لا تريد أن تعيش على المساعدات أو القروض المسيسة”، مشيرًا إلى أن البديل يتمثل في جذب الاستثمارات الخارجية التي تساهم في خلق فرص عمل وتوفير القطع الأجنبي، كما اعتبر أن حركة المال والاستثمار داخل سوريا تنعكس إيجابًا على مختلف القطاعات وتفتح أسواقًا جديدة.
العلاقات الخارجية
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، قال الرئيس الشرع إن سوريا أعادت بناء علاقاتها الإقليمية والدولية “بسرعة”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة أبدت “رغبة كبيرة في الاستثمار داخل سوريا”، كما وصف علاقات دمشق مع روسيا بأنها “هادئة ورزينة”، مع التشديد على أن أساس هذه العلاقات هو احترام سيادة سوريا واستقلال قرارها.
وأضاف بأن باب التواصل مع روسيا “فُتح بعد السيطرة على حلب” في معركة “ردع العدوان”، مشيرًا إلى أن المفاوضات المباشرة بين إدارة العمليات العسكرية وروسيا جرت عند وصولهم إلى مدينة حماة، وأن الروس “انسحبوا من المشهد العسكري بعد الوصول إلى حمص”، ضمن اتفاق جرى بين الجانبين.
اتفاقات أمنية مع إسرائيل
تطرق الشرع إلى المفاوضات الجارية مع إسرائيل بشأن الاتفاق الأمني، مؤكدًا التزام دمشق باتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974، وأنها خاطبت الأمم المتحدة لعودة قوات “الأندوف” إلى مواقعها.
واعتبر أن بعض السياسات الإسرائيلية أظهرت “حزناً على سقوط النظام السابق”، مشيرًا إلى أن تل أبيب كانت تسعى لجعل سوريا ساحة صراع إقليمي، وأن إسرائيل لديها مخطط “لتقسيم سوريا” وكانت تريد أن تكون ميدانًا للصراع مع الإيرانيين، وتفاجأت بسقوط النظام.
الملف الداخلي والمفاوضات مع “قسد”
وحول الأوضاع الداخلية، أوضح الشرع أن لجان تحقيق شُكلت عقب أحداث السويداء في تموز/يوليو الماضي لمحاسبة “المتسببين بالعنف”، كما أشار إلى استمرار المفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية”، رغم ما وصفه بـ”بعض التعطيل”، مؤكدًا أن سقف تنفيذ الاتفاق معها محدد حتى نهاية العام.
وشدد على أن سوريا لا تقبل القسمة، وأن أي محاولة للتقسيم في شمال شرقي سوريا ستضر بالعراق وتركيا، مبينًا أن المكون العربي يشكل أكثر من 70% من سكان المنطقة، وأن “قسد” لا تمثل كل المكون الكردي.
ولفت إلى أن مصلحة السويداء ومصلحة شمال شرقي سوريا مع دمشق، معتبرًا أن هذه فرصة لسوريا كي “تلمّ جراحها” وتنطلق بحلة جديدة.
التعددية السياسية والمرحلة الانتقالية
أوضح الرئيس الشرع أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية بدأت بملء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة مؤقتة، على أن تُستكمل بانتخابات برلمانية ثم صياغة دستور جديد. وقال: “نحن لسنا في زمن يكون فيه الرئيس من يقرر كل شيء”، مشددًا على أهمية التعددية السياسية وترتيب القوانين والأنظمة لتجنب النزاعات.
وفي ختام حديثه، عبّر الرئيس عن ثقته بقدرة السوريين على تجاوز المرحلة الحالية، قائلاً إن “التحسن سيراه الناس في كل شهر”، داعيًا إلى “الصبر والثقة والموضوعية” في مواجهة التحديات.