بعد ستة أشهر من سقوط حكومة بشار الأسد، يجد الآلاف من الناجين من سجون التعذيب الوحشية في عهد الأسد، بما في ذلك سجن صيدنايا سيء السمعة، أنفسهم في مواجهة إرثٍ مدمر من الصدمات الجسدية والنفسية، وسط غياب شبه تام للدعم اللازم لإعادة تأهيلهم.
ودقت منظمة العفو الدولية ناقوس الخطر في تقرير أصدرته بمناسبة اليوم الدولي لدعم ضحايا التعذيب، مؤكدةً أن هؤلاء الناجين الذين خرجوا من “زنزانات التعذيب المروّعة” يواجهون اليوم صعوبة بالغة في الحصول على أبسط أشكال الرعاية الطبية والنفسية العاجلة.
وقالت بيسان فقيه، مسؤولة الحملات في منظمة العفو الدولية: “من غير المعقول أن هؤلاء الذين تمكنوا من الخروج أحياءً من زنزانات التعذيب المروّعة يواجهون صعوبة اليوم في الحصول على العلاج الطبي والنفسي العاجل”.
وأضافت أنه على الرغم من التحديات الجمة التي تواجهها الحكومة السورية الجديدة، “يتوجب عليها أن تضمن إحالة جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن التعذيب… إلى العدالة في محاكمات عادلة”.
خلّفت سنوات التعذيب والظروف اللاإنسانية آثارًا صحية كارثية، فالعديد من المحتجزين السابقين يعانون من أمراض مزمنة كالسل، ومشاكل في الأعصاب والمفاصل والعيون، فضلًا عن الأسنان المكسورة التي أصبحت علامة شائعة للتعذيب، إضافة لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
وتتفاقم الأزمة بسبب تقليص حاد في تمويل المنظمات التي يقودها الناجون، والتي كانت تشكل شريان حياة للكثيرين، وقال دياب سرية من “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، إن “التقليص العام في التمويل الأمريكي والأوروبي بلا شك سيؤدي إلى تفاقم معاناة الضحايا، فخدمات الصحة النفسية ليست رفاهية في بلد خرج لتوّه من نزاع”.
وتحاول شبكات الناجين دعم بعضها البعض بمبادرات فردية، حيث يجمعون الأموال لتغطية تكاليف الفحوصات الطبية العاجلة لرفاقهم، ويؤكد عبد المنعم الكايد، وهو ناجٍ من سجن صيدنايا، أن ما لا يقل عن 12 محتجزًا سابقًا على تواصل معهم بحاجة ماسة لعمليات جراحية.
مطالب الناجين تتجاوز الدعم المادي، يقول أحمد حلمي من مبادرة “تعافي”: “قيمة ومعنى اللي تعرضنا له بتجي فقط من ضمانات عدم التكرار، يعني بدون ما نضمن إنه اللي صار معنا ما يصير مع غيرنا، هذا ما له قيمة”.
ويطالب الناجون بالمساءلة الكاملة، وكشف الحقيقة، وجبر الضرر الذي يشمل رد الاعتبار لكرامتهم الإنسانية عبر التكريم والاعتراف الرسمي بمعاناتهم.
ودعت منظمة العفو الدولي الحكومات المانحة إلى توفير التمويل العاجل للمجموعات التي يقودها الناجون، لضمان عدم ترك من دفعوا ثمنًا باهظًا لحريتهم يواجهون معركتهم الأصعب وحدهم.