نداء من مخيمات مشهد روحين عبر “سوريا الجديدة”.. “ساعدونا لنعود إلى موطننا”

في أطراف مخيم مشهد روحين بريف إدلب، يعيش صدام الحمدو، القادم من ريف حمص الشرقي، أيامه “بالغصب” كما يصفها، بعد أن ضاقت به سبل الحياة وانهارت أمامه فرص العودة.

في خيمة مهترئة، لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء، يكافح صدام البالغ من العمر 45 عامًا للبقاء، بعدما فقد منزله في موطنه الأصلي نتيجة الدمار الذي خلفته الحرب، ولم يتمكن من العودة إليه بسبب تكلفة النقل المرتفعة وغياب أدنى مقومات الحياة هناك.

يقول صدام بحسرة: “يعني بدنا ننتقل من خيمة لخيمة، شو بدنا نستفاد من النقلة إذا هيك؟”، ويضيف بأنه يعاني من إصابة “بانزلاق في الفقرات لا تمكّنه من ممارسة أي نشاط بدني”، حتى حين حاول الانضمام إلى الجيش أو الأمن الداخلي بحثًا عن فرصة عمل، رُفض بسبب عمره، فبقي في دائرة الانتظار والعجز.

ومع انقطاع المساعدات عن كثير من المخيمات، بات من تبقى من النازحين بالمخيمات مجبرين على شراء المياه والخبز بما تبقّى ليدهم من أموال، هذا إن وُجدت، فمعظم سكان المخيم، ممن استطاعوا العودة أو تأمين مورد مالي، قد غادروا إلى موطنهم الأصلي ليستقروا فيها، إذا وجدوا بيوتهم صالحة للسكن، أو استطاعوا القيام بترميمها.

يختتم صدام حديثه، بتوجيه مناشدة للحكومة السورية للنظر في أوضاع العائلات التي لم تتمكن من العودة، وتوفير دعم مادي ولوجستي عاجل، حيث اعتبر أن “الحال يغني عن السؤال”، وعلى الحكومة تدبر أحوال النازحين دون الطلب منهم.

تعكس هذه المعاناة الفردية واقعًا أوسع تؤكده تقارير دولية حديثة، ففي استطلاع أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، أشار نحو مليون نازح داخلي في شمال غرب سوريا إلى نيتهم العودة إلى مناطقهم الأصلية خلال العام الحالي، منهم 600 ألف خلال النصف الأول من العام. ومع ذلك، تعيق العودة الآمنة والكريمة عوامل عديدة، أبرزها الدمار الهائل، وغياب الخدمات، وغياب الأمن.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن أكثر من 100 مركز صحي ومرفق إنساني أُغلق منذ بداية العام الحالي، نتيجة نقص التمويل، مما فاقم معاناة ملايين السوريين في شمال غرب البلاد، وجعل الحياة في المخيمات أكثر قسوة.

في الوقت ذاته، لم تتلقّ خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لعام 2025 سوى 12.5% من التمويل المطلوب، ما يعرض أرواح الملايين للخطر، في ظل تحذيرات منظمات دولية من أن تقليص المساعدات في قطاعات الغذاء والصحة قد يدفع الوضع إلى نقطة الانهيار، كما تشير الأرقام الأممية إلى أن أكثر من 16.5 مليون شخص داخل سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينهم 7.4 مليون نازح داخلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر مشاهدة

الأحدث

Add New Playlist