أصدرت وزارة العدل السورية تعميمًا جديدًا يهدف إلى الحد من ظاهرة نقل ملكية العقارات بطرق التزوير والاحتيال، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة وشكلت تهديدًا خطيرًا لحقوق المالكين في مختلف المحافظات. ويأتي هذا الإجراء في إطار جهود الوزارة لتعزيز الحماية القانونية للملكيات العقارية وضمان القوة الثبوتية للسجلات العقارية.
إجراءات صارمة للتحقق من صحة الملكيات
وفقًا للتعميم، دعت الوزارة إلى ضرورة تكليف أطراف دعاوى تثبيت البيوع العقارية أو نقل الملكية بتقديم بيانات عقارية حديثة ومصدقة أصولًا، تعود لتاريخ إقامة الدعوى، التي تثبت تسلسل انتقال الملكية وصولًا إلى المالك الحالي، كما أكدت على أهمية التثبت من صحة هذه البيانات المقدمة.
توجيهات للمحاكم الناظرة في القضايا:
دعت الوزارة المحاكم التي تنظر في هذه القضايا، سواء بحضور المدعى عليه أو في حال تخلفه، إلى اتخاذ الإجراءات التالية:
- إجراء الكشف الحسي والخبرة الفنية على العقارات موضوع النزاع للتحقق من شاغليها وسؤالهم عن صفة إشغالهم.
- سؤال الجوار الذي تختاره المحكمة عن مالكي العقارات المعنية، والتأكد من كونهم على قيد الحياة ومكان إقامة المدعى عليه المتغيب، وذلك لضمان صحة التبليغات في حالات التبليغ لصقًا أو بوسائل مشابهة.
تدابير إضافية في حال غياب المدعى عليه
في الحالات التي يتخلف فيها المدعى عليه عن الحضور، أكدت الوزارة على وجوب إجراء خبرة فنية للمضاهاة بين التوقيع أو البصمة المنسوبة له في عقد البيع مع تلك المسجلة في القيود العقارية أو السجلات المدنية. كما شددت على ضرورة التثبت من صحة التبليغات القانونية، خاصة في حالات التبليغ باللصق أو الوسائل المشابهة، لضمان عدم التلاعب.
رقابة مشددة على تطبيق التعميم
وجهت الوزارة إدارة التفتيش القضائي والمحامين العامين في المحافظات بمراقبة حسن تنفيذ هذا التعميم، مع التزام الإبلاغ عن أي مخالفات لأحكامه. ويأتي هذا الإجراء للحد من استغلال المزورين والمحتالين للثغرات القانونية، والحفاظ على حقوق المالكين في ظل التحديات التي واجهت القطاع العقاري خلال السنوات الماضية.
أهمية التعميم
تفاقمت ظاهرة التزوير في نقل الملكيات العقارية خلال سنوات الحرب في سوريا، نتيجة الفوضى الإدارية، ونزوح السكان، وضعف الرقابة على السجلات العقارية. حيث أصدر النظام البائد قوانين استثنائية تتيح التلاعب بالملكية العقارية، ومن هذه القوانين، المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2016، الذي ينص على إنشاء سجلات ملكية بديلة في الدوائر العقارية المغلقة بسبب الأوضاع الأمنية، مما يزيد من احتمالية التزوير والتلاعب.
وكذلك المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 2016 الذي يعتمد على نُسخ رقمية كبديل للوثائق الأصلية، وهو ما يفتح الباب أمام تعديل البيانات دون ترك أثر للتزوير.
ويُعد هذا التعميم خطوة حاسمة نحو استعادة الثقة في النظام العقاري، خاصة بعد سقوط النظام البائد، والذي فتح المجال أمام إصلاحات قانونية لحماية الحقوق الفردية، وتؤكد وزارة العدل من خلال هذا الإجراء التزامها بتعزيز سيادة القانون، وتوفير بيئة آمنة للملكية العقارية، في خطوة تلبي تطلعات المواطنين لاستعادة الاستقرار القانوني والاقتصادي في سوريا الجديدة.